يكبر الإنسان ويزداد حكمة، وتعلمه التجارب الكثير، خاصة إذا كان ممن رزقوا بالقرب من السياسيين، وكانت مهنته الإعلام، ففتحت أمامه نوافذ عديدة، يطل منها على الحقائق، ويتعامل مع القصص، التي منها ما قد يكون مزيفا أو القصد منها غير ظواهرها.

لكن الملفت أن يكبر الإنسان ويظل هائما لا يفهم ما يدور، تسيره خبائث طبعه، وتديره صنائع شذاذ الآفاق.

ورغم كل ما يدور حوله من خسران لعصابات الإسلام السياسي الشريرة وتجاربها، التي عادت على عالمنا العربي بالدمار، إلا أنه يظل يدافع عنها، متوقعا أن لكلامه تأثيرا في الساحة السياسية، بينما هو لا يعدو عن أداة ترويج ترمى متى انقضت منها الحاجة.

وفي ظل فقدانه لأقل مشاعر الوطنية، وتمكن الجماعات المتطرفة من مخيخه، فإما أن يكون هذا الشخص الذي يروج لهذه العصابات جزءا منها وعاملا فيها، أو غبياً لا يفهم أن الأمور تغيرت وأن المتلقي العربي خبر الأمور وعرف سرائرها.

أحدهم يهيم على وجهه في الوقت الراهن هاربًا من وطنه بسبب ولاءه لعصابة خانت الوطن وتعمل على هدمه، والمضحك في الأمر أن هذه العصابة "إسلاموية إرهابية" بتصنيف دولته، ورغم ذلك يدافع عنها من حانات واشنطن ووسط دخان سيجاره المدفوع من نظام الحمدين.

لو كان للخيانة عنوانا لما وجدت أفضل من تصرفات هذا الضائع، لم يقصر الوطن في حقه، بل انتفع منه دون وجه حق، وظل قريبا من رموزه على الرغم من خيانته لهم.

ويعتقد التائه في جلابيب الحزب أن "كفاحه" من أجل العصابة سيقدم له مجدا وأنه سيعود مجللا بالغار، لكن ينسى أن الوطن لا يغفر للخونة حتى يتخلصوا من درنهم.

يمكن له ولغيره ممن يختلفون مع الحكومة في سياستها أن يمارسوا عملهم دون أن يتعرضوا لمحاسبة، والسبب أن الخلاف ينبع من اختلاف في الرؤى، وحول سياسات متنوعة ضمن هدف وطني واحد، وعمل يدور في منظومة تخدم بلادها، ولكن لن يكون من بينها سياسة دعم الإرهاب وتأييد العصابات التي تريد الشر للبلاد.

فالكثير اختلفوا مع حكومات بلادهم لكن غفرت لهم وطنيتهم، وعادوا ضمن كتائب الدفاع عن الوطن، وضمن مفاهيم يرونها متسقة مع معارك الوطن وخاصة ضد الإرهاب.

قد نتوقع من شاب لم تتركه الأيام ومحنها الوقوف ضد سياسات وطنه، فهو غير مكتمل التجربة، ولا تتوفر لديه القدرة على تمحيص الحقيقة وفهم متطلبات السياسة وغموضها، لكن ماذا عن رجل في الستين من عمره وعمل بالقرب من رجال الدولة وفهم توجهاتهم.

لكن قد نجد المبرر لذلك وهو شخصية الستيني المبنية على النفعية والارتزاق، فحين أغلقت أمامه أبواب الارتزاق، وبارت سلعته، ولَم يعد لديه أي شيء يقدمه، لجأ إلى التمسك بأذيال الحزب، خاصة أن هذا الحزب يعيش من ريالات نظام الحمدين التي بقيت هي الوحيدة التي تقدم له دعما ما دام أنه يخون ويغدر وطنه مثله مثل عشرات غيره باعوا تراب وطنهم لثلة الإرهاب ومموليه وداعميه.