يبدو واضحا أن هناك في الداخل الأمريكي من يسعى جاهدا لفتح ملفات مثيرة وخطيرة، وتناول ما هو مختبئ ولو إلى حين في أضابير الأجهزة الأمريكية ، فلا شيء يتم مصادفة، ولا مجال للصدفة في عالم الصراع الجيو استراتيجي، فالكل على مائدة الكبار أوراق لعب إلى حين.

من بين تلك الملفات المثيرة على عتبات رئاسة أميركية جديدة، يأتي الحديث عن علاقة قطر بالإرهاب، لاسيما أن الدوحة حاولت خلال العقد الأخير بنوع خاص أن تسربل أكثر مواقفها زيفا، بأكثر الشعارات نبلا، وفي مقدمها قصة الأعمال الخيرية، وهي في حقيقتها ستار تخفت وراءه لتنفيذ أجندات "سر الإثم "، الذي يعمل في العالم.

من بين الكيانات الجغرافية التي عمل فيها المال القطري المسموم عمله، وفعل فعله  كان قطاع غزة، فقد أغدقت في الفترة ما بين 2012 وحتى الآن/ نحو مليار دولار ، والعهدة هنا على الراوي، الخبير المالي الإسرائيلي "أودي ليفي"، في مقاله المعنون " الأموال القطرية إلى غزة "، والمنشور عبر موقع "جي فورم".

وصلت أموال الدوحة إلى أيادي حماس و"الجهاد الإسلامي"، وكذا بقية الجماعات الظلامية التي خرجت من رحم جماعة الإخوان المسلمين، الحاضنة الرئيسة الأكبر والأخطر عبر القرن العشرين، والتي روع مريدوها العالم، لاسيما أن القاعدة وداعش وغيرهما ليسا الإ تجليات سيئة الذكر منها وعنها .

الأموال القطرية إلى غزة، أفرخت إرهابا راح ضحيته مواطنون أميركيون، عبر سبع هجمات ، من بينها حوادث طعن  ودهس، وأخرى بالصواريخ، مما جعل المحاكم الأميركية تواجه طلبات مواطنيها من أجل محاسبة قطر قيادة ومسؤولين عن تبعات تمويلهم، لاسيما أن الدعم النقدي كان يصل على رؤوس الأشهاد في حقائب دبلوماسية قطرية تارة، وعبر النظام المصرفي الأميركي منذ 2014 تارة أخرى، ولينتهي المطاف بملايين الدولارات في حسابات تابعة لبنك قطر الوني ومستخدميه من قادة حماس وأقاربهم.

علامة الإستفهام المثيرة :" لماذا الآن هذه الإجراءات القضائية لقطر ، وهل كان الإرهاب القطري خافيا عن الأعين الأميركية طيلة ثلاثة عقود مضت ؟

ليكن الجواب من الكتاب، كتاب الإرهاب القطري، كما يجب أن يكون، لاسيما أن صفحاته تمتد منذ  محاولة "لويس فرييه "، مدبر المباحث الاتحادية الأمريكية تسلم "شيخ محمد "، في أوائل التسعينيات بعد دوره في محاولة تفجير أبراج التجارة العالمية، وكيف تم تهريبه من البلاد، في حين كان المسؤول الأمني الأميركي الكبير جالسا في الفندق بالعصمة القطرية .

رعاية قطر للإرهاب، والعائلة المالكة هناك على نحو خاص، رصدت بشكل محقق ومدقق فيما بعد، وقد أسفرت عن خلاصات بشأن وزير الداخلية القطري وقتها، عبد الله بن خالد آل ثاني، والذي كان يمتلك مزرعة في شمال قطر ، اعتبرت بمثابة عش الدبابير، وحجر الثعابين للإرهابيين، وفي مقدمهم " عبد الرحمن النعيمي "، الممول القطري الأول للإرهاب، والذي تخفى طويلا تحت ستار جمعيات قطر الخيرية، والتبرع لها دعما لحقوق الإنسان في الظاهر، وفي الخفاء كان يقوم بتمويل الفروع التابعة لتنظيم القاعدة بملايين الدولارات.

زيف الأعمال الخيرية القطرية تكشف بشكل واضح وفاضح في الداخل الأميركي وبنوع رسمي العام 2014، وذلك حين صدر تقرير عن " مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات "، في واشنطن وقام عليه الباحث والكاتب الأمريكي المعروف " دافيد وينيبرغ ".

التقرير المشار إليه شمل وصفا إنشائيا وتحليليا ومعلوماتيا شافيا وافيا عن تمويلات قطر لجماعات الإسلام السياسي بالأسماء، والأكثر خطورة على الدوحة، أنه ربط بين أعضاء من العائلة المالكة هناك، وبين إرهابيين أسبغ عليهم القطريون الكبار والنفاذون الحماية، ووفروا لهم المأوى والرعاية .

كارثة تقرير " وينيبرغ "، بالنسبة لقطر هو أن غالبية الأسماء التي رعتها الدوحة ونظامها الحاكم ، أياديهم ملطخة بدماء أميركيين، وهذا ما يعود بنا إلى الدعاوى الأخيرة المقدمة من جهة مواطنين بعضها تم رفعه في يونيو  الماضي  والبعض الآخر هذا الاسبوع .

هل يمكن محاكمة قطر ونظامها الحاكم، وإلى أي مدى يمكن إعتبار هذا التطور الجديد بمثابة كعب أخيل في الجسد القطري المهترئ، مؤخرا، والذي يفقد يوما تلو الأخر الكثير من أوراق اللعب ومربعات النفوذ ؟

المقطوع به أن قانون محاربة الإرهاب الأميركي يفتح المجال واسعا للمطالبة بتعويضات من أي كيانات خاصة حتى وإن كانت تحت إدارة أفراد من الأسر الحاكمة، الأمر الذي يعني أن سيف العقوبات المزلزل بات مسلطا على رقبة القيادة القطرية، الأمر الكفيل بأن يصيبها بحالة نزيف شديد الوعورة والخطورة من جراء أمرين ..ماذا عن ذلك ؟

باختصار غير مخل، الأول يتمثل في التعويضات المالية الهائلة التي ستكبد القطريين المزيد من الخسائر،  فيضحي النظام المالي القطري عرضه للابتزاز من القاصي والداني، فـ"الأغا العثمانلي" يتلاعب بالإدارة القطرية كحبات المسبحة في يد درويش على أبواب المساجد العتيقة، والمرشد الايراني يكتفي بإيماءات تحتيه وفوقية تجعل حاكم قطر يسارع الى فك صرة دنانيره، فيما منظمات حقوق الانسان تقول بعدم دفع قطر أجور العمال .

ثانيا: سوف يتكشف من جديد للأميركيين الخدعة التي تعرضوا لها طويلا من خلال أموال قطر التي اخترقت الجهاز التعليمي والإعلامي، فقد لعبت جمعية قطر الخيرية دورا كبيرا في غسل أدمغة مسؤولين متقدمين في جامعات عريقة، إضافو إلة وكالات إعلامية وأجهزة تلفزة تم شراؤها وتطويعها.

هذه كلها سيفتضح أمرها مع كل جلسة قضائية تبث على الهواء، مما يعني أن قادم أيام قطر في الداخل الأميريكي مربك ومرعب.

عقب مؤتمر الرياض الذي شارك فيه دونالد ترامب في مايو 2017،  تحدث سيد البيت الابيض عن دولة قطر التي لديها تاريخ في تمويل الإرهاب – على حد تعبيره - مشيرا إلى أنه قرر مع وزير خارجيته وكذلك جنرالات الجيش دعوة قطر لإنهاء تمويلها للإرهاب ".

لم يفعل ترامب ما وعد به، وترك الألاعيب القطرية على الغارب كما الحبال المشدودة إلى الشر، صباح مساء كل يوم، وعليه تبقة علامة التساؤل :"هل هذه الدعاوى تهيئة لأجواء ادارة بايدن القادمة؟

الخلاصة ...الإرهاب لا يفيد ، والأردية الملائكية لا تناسب الأبالسة في الحل والترحال والحال والاستقبال، فانظر ماذا ترى؟