انتقال الحوادث الإرهابية من شمال سيناء إلى محافظات وادي النيل، كان هو الملمح الأبرز خلال أواخر عام 2013 وأوائل 2014 في مسلسل المواجهات بين أجهزة الأمن المصرية والجماعات المتشددة، وفي مقدمتها جماعة "أنصار بيت المقدس" التي تبنت هجمات قتل وأصيب خلالها العشرات من الجيش والشرطة والمدنيين.
فقد شهدت العاصمة المصرية في أواخر شهر يناير 2014 وقوع الحادث الأكثر تأثيرا سواء على مستوى الأثر التدميري الذي خلفه أو من حيث اختراق الجماعات المتشددة بمخططاتهم الإرهابية للقاهرة، المدينة الأكثر ازدحاما والتي تمثل واجهة الدولة المصرية، حيث مقر الحكم والسلطة.
تم استهداف مبنى مديرية أمن القاهرة بسيارة محملة بكمية من المتفجرات تجاوز وزنها النصف طن بحسب الأجهزة المسؤولة، وتم تفجير هذه السيارة عن بعد ما أوقع عدد من القتلى والمصابين، وأحدث أضرارا شديدة بمبني مديرية أمن القاهرة ومبنى متحف الفن الإسلامي المواجه لها، كما تصدعت مجموعة ليست بالقليلة من البنايات القريبة من مكان الانفجار، وغالبيتها أقيمت قبل أكثر من نصف قرن.
تفجير مبنى مديرية أمن القاهرة كان حلقة ضمن سلسلة من التفجيرات المتشابهة وقعت خلال النصف الثاني من عام 2013، بعد تصعيد الجماعات المتشددة لأنشطتها الدموية في أعقاب خروج ملايين المصريين يوم الثلاثين من يونيو وبمساندة قوات الجيش ثم الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي وجماعة الإخوان من سدة الحكم في إطار "خارطة المستقبل" التي أعلنها الجيش.
وشهدت الأشهر التالية لإعلان خطة خارطة المستقبل وقوع سلسلة من الحوادث الإرهابية استهدفت عدة مبان تابعة للجيش والشرطة في عدد من المحافظات، حيث تم استهداف مبنى المخابرات الحربية في مدينة رفح بشمال سيناء في شهر سبتمبر، وتفجير مبنى مديرية أمن جنوب سيناء في شهر أكتوبر، وفى أواخر ديسمبر تم تفجير كلا من مبنى مديرية أمن الدقهلية ومبنى المخابرات الحربية في أنشاص بمحافظة الشرقية.
وكان تطورا لافتا خلال عام 2014 استهداف منشآت ومرافق وأفراد الجيش، بعد أن كان الاستهداف فيما سبق قاصرا على رجال الشرطة فقط.
حيث شهد شهر مارس من عام 2014 حادثين متتابعين، تم خلال الحادث الأول استهداف حافلة مخصصة لنقل أفراد القوات المسلحة، ما أوقع قتيلا وعددا من المصابين، ومن بعده بيومين فقط تم استهداف حاجز أمني تابع للشرطة العسكرية بهجوم بالرصاص أوقع ستة من الجنود قتلى.
وفى ذات الشهر، مارس 2014، حدث تحول نوعي في عمليات الملاحقة التي تقوم بها أجهزة الأمن المصرية للجماعات المسلحة، حيث توصلت أجهزة الأمن إلى مقر يتبع ما يعرف "أنصار بيت المقدس" في منطقة عرب شركس بمحافظة القليوبية يحوي على كميات كبيرة من المتفجرات ويختفي فيه عدد من العناصر المنتمية للجماعة.
وخلال عمليات المهاجمة التي قامت بها قوات الشرطة والجيش حدثت مواجهات دامية سقط خلالها 6 من أعضاء الجماعة قتلى، كما قتل اثنان من خبراء المتفجرات خلال محاولتهما إبطال مفعول إحدى العبوات الناسفة كانت بحوزة أحد أعضاء التنظيم.
وقدّرت الأجهزة المعنية كميات المتفجرات التي تم ضبطها بأنها تكفي لإحداث تدمير هائل، خصوصا في نطاق الأماكن السكنية، خصوصا وإن الأجهزة الأمنية توصلت إلى أن هذه النوعية من المتفجرات تفوق في قدرتها التفجيرية النوعيات المألوفة من المتفجرات.
وخلال عام 2014 برزت جماعة جديدة تطلق على نفسها جماعة أجناد مصر، تبنت المسؤولية عن سلسلة من تفجير العبوات الناسفة في الشوارع والميادين، وكان أبرز هذه الحوادث التفجير الثلاثي المتتابع لعدد من العبوات الناسفة في محيط جامعة القاهرة، ما أسفر عن مصرع وإصابة عدد من ضباط الشرطة ممن كانوا متواجدين في محيط مبنى نقطة الشرطة المواجهة للباب الرئيس لجامعة القاهرة.
وفى شهر يوليو من العام 2014 تم استهداف حاجز أمني تابع للقوات المسلحة بمنطقة الفرافرة بطريق الواحات البحرية جنوب غرب القاهرة، ما أوقع عشرات القتلى من الضباط والأفراد في واقعة غير مسبوقة، من حيث استهداف كل هذا العدد من العناصر الجيش في هجوم إرهابي، ومن حيث المنطقة التي شهدت الهجوم .
وقبيل نهاية العام وقع حادث كرم القواديس في شهر أكتوبر 2014 في شمال سيناء ما أوقع أكثر من ثلاثين قتيلا وعشرات المصابين من جنود الجيش المصري.
في هذا أعقاب الحادث تقرر إخلاء الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة، لمسافة 500 متر، بعدما وجهت الأجهزة الأمنية أصابع الاتهام إلى عناصر تقيم في قطاع غزة بالوقوف وراء عمليات تهريب الأسلحة والمتفجرات والأشخاص إلى سيناء ، ولا تزال المواجهات مستمرة.