يرى محللون أن استهدف الغرب للمقربين من الرئيس الروسي، وما يطلق عليهم "أصدقاء بوتن" بهدف الضغط عليه من أجل إنهاء العملية العسكرية في أوكرانيا تقدير "خاطئ وفاشل".

وطالت دوائر الحكم في روسيا والمقربين من الرئيس بوتن، خلال الأيام الماضية، عقوبات مدمرة وقاسية فرضتها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي بهدف الضغط عليه لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

ويراهن الغرب من استهداف أصدقاء بوتن وإدراجهم بلوائح العقوبات باعتبارهم ورقة ضغط لإنهاء الحرب في أوكرانيا، فيما يري مراقبين، أنه تقدير "خاطئ وفاشل".

الأوليغارشية

"أصدقاء بوتن" أو "الأوليغارشية" هم مجموعة من الروس الأثرياء الذين برزوا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991، ولهم علاقات مع الحكومات، وربما يكون رجل الأعمال الروسي رومان أبراموفيتش، صاحب نادي تشلسي لكرة القدم، أشهر الأوليغارشية في بريطانيا، بحسب شبكة "سي إن إن" الأميركية.

وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، استقال ميخائيل جورباتشوف من منصب رئيس الاتحاد وسلم السلطة لبوريس يلتسين، وحينها شهدت روسيا عمليات خصخصة على نطاق واسع، لا سيما في قطاعات الصناعة والطاقة والقطاعات المالية ونتيجة، لذلك أصبح الكثيرون أثرياء بشكل خيالي، بحسب تقارير غربية.

وعندما خلف بوتن يلتسين، بدأ في كبح جماح الأوليغارشية، لكن على الرغم من ذلك، تمكن البعض من أن يصبحوا أكثر نجاحا، وقد اختار بعضهم الفرار من البلاد.

أخبار ذات صلة

واشنطن تعاقب "الأوليغارش الروس"
العقوبات الأميركية طالت "عمالقة".. وموسكو تتوعد برد حازم

 "الأوليغارشية انتهت"

 وعندما سئل عن الأوليغارشية عام 2019، قال بوتن لصحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية: "ليس لدينا أوليغارشية بعد الآن".

ويقول مندوب روسيا الدائم لدى الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيجوف، إن عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد  بوتن، غير مسبوقة وغير منطقية ولن تحقق هدفها.

ويضيف أنه: "إذا كان الغرض من هذه العقوبات هو التأثير على سياسة الدولة الروسية ومصالح الرئيس الروسي، فهذا غير منطقي، لأن هذه الأهداف لن تتحقق بمثل هذه العقوبات الرمزية".

ودعا الرئيس الروسي، الجمعة الماضي، المجتمع الدولي لتطبيع العلاقات مع موسكو، مشيرا إلى أن بلاده ستستفيد من العقوبات المفروضة عليها من الغرب.

وقال بوتن: "اقتصادنا سيتأقلم مع الوضع الراهن، وموسكو قد تستفيد من العقوبات".

والرئيس الروسي مستهدف بالأساس بعقوبات أقرت بعد ضم موسكو شبه جزيرة القرم من أوكرانيا عام 2014 وتسميم المعارض أليكسي نافالني.

 غير أن كل هذه التدابير لم يكن لها أي تأثير عليه، لا بل زادته تصلبا، ومن غير المرجح أن يكون لأي عقوبات جديدة مفعول مختلف، بحسب محللين.

تقديرات المحللين

وقالت المحللة تاتيانا ستانوفايا مؤسسة "آر بوليتيك"، إن "الكرملين يستعد بشكل نشط منذ عام ونصف لواقع أن الغرب سيفرض أشد العقوبات الممكنة"، بحسب وكالة "فرانس برس".

وأضافت أن بوتن "يعتبر أن هذه العقوبات لا تهدف إلى منع عدوان روسي بل إلى كبح تطور روسيا".

 وتحسبا لهذا الاحتمال باشرت موسكو منذ وقت طويل بناء احتياطات كبيرة ولا سيما من العملات الأجنبية.

ولا يتوقع جيمس شير،  الباحث بالمعهد الإستوني للسياسة الخارجية، أن تلك العقوبات قد تغير رأي بوتن، لافتا إلى أن "بوتن واالمحيطين به، على الأقل المسؤولين السياسيين والأمنيين، لم يذعنوا لمنطق العقوبات قط."

ويقول نبيل رشوان، المختص في الشأن الروسي، إن العقوبات الغربية بحق المقربين من بوتن والذي يطلق عليهم الأوليغارشية، هدفها الضغط على هؤلاء وتهديد مصالحهم ومن ثم الضغط على بوتن.

ويضيف لموقع "سكاي نيوز عربية": "تلك التقديرات هي رهانات غربية ستفشل، لأن لا أحد يجرؤ من النخبة الحاكمة أو المقربين يستطيع القيام بذلك"، لافتاً إلى أن "معظهم لا يعيش في روسيا بل في فرنسا وبلجيكا وبريطانيا".

وتابع رشوان: "هؤلاء يمتلكون ثروات ضخمة، وفي تقدير الغرب حال تضرر مصالحهم سيؤثرون على القرار الروسي، لكن ذلك مستبعد الحدوث لأن الجميع يعرف نظام الحكم في روسيا".

وقال إن العقوبات على روسيا تستهدف كذك إثارة القلاقل الاجتماعية ضد بوتن في الداخل، كما تهدف إلى خلق رأي عام من الروس في أوروبا يعارض الحرب، وهذا بدأ بالفعل حيث نشهد بعض المظاهرات المناوئة للحرب في بعض العواصم الأوروبية".

وأردف: "تدابير الغرب تسببت في ضغوط شديدة في الداخل الروسي، حيث بات بعض المواطنيين يتعرضون لضغوط شديدة تحتاج إلى معالجات سريعة لتلافي آثار تلك العقوبات".