في توجه قد يقلب موازين القوة في منطقة شرق المتوسط، صادقت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي بالإجماع، على مشروع قانون "الدفاع والشراكة بين الولايات المتحدة واليونان 2021"، والذي يهدف تسهيل وزيادة مستويات التعاون العسكري بين البلدين.

وتأتي مصادقة لجنة العلاقات الخارجية على مشروع القانون في وقت تمر فيه العلاقات العسكرية الأميركية التركية بأسوأ ظروفها، خصوصا في ظل تعرض أنقرة لعقوبات عسكرية أميركية حسب "قانون كاستا"، بعد إقدامها على شراء منظومة الدفاع الروسية "إس 400".

ويرى مراقبون أن مشروع قانون "الدفاع والشراكة بين الولايات المتحدة واليونان 2021"، يعني بأن التوازن العسكري التقليدي بين الدولتين اللدودتين تركيا واليونان، سيرجح مستقبلا لصالح الأخيرة.

ويسمح مشروع القرار الأميركي الذي قدمه السيناتور الديمقراطي بوب مينينديز وزميله الجمهوري ماركو روبيو، بنقل الخبرات العسكرية الأميركية إلى اليونان دون عقبات بيروقراطية، وعبر تسهيلات من المراقبة البرلمانية التقليدية.

وينص المشروع أيضا وبشكل حرفي على التسليم العاجل، راهنا ومستقبلا، للطائرات الأميركية من طراز "إف 35"، الذي أخرجت تركيا من برامج تطويره أو إمكانية الحصول عليه عبر عقوبات أميركية في أواخر عهد الإدارة الأميركية السابقة.

أخبار ذات صلة

نذر "صدام عسكري" بين تركيا واليونان.. ولغة التهديدات تعود

 

أخبار ذات صلة

كيف تنظر اليونان لمساعي التقارب المصري-التركي؟

كذلك فإن المشروع يفصل في الدفع نحو التسليم العاجل للمواد الدفاعية الإضافية إلى اليونان، كحليف موثوق للولايات المتحدة، بالإضافة إلى حوافز مالية للتدريبات العسكرية للجيش اليوناني خلال الأعوام 2022-2026، هذا إلى جانب قروض مباشرة إلى أثينا، لشراء المواد والخدمات الدفاعية، وخدمات التصميم والبناء وفقا للتطوير الإضافي للقوة العسكرية اليونانية.

والجانب الأكثر أثارة بالنسبة لتركيا يتعلق ببنود المشروع الهادفة لخلق شراكة عسكرية إقليمية حول اليونان، تضم إلى جانبها الولايات المتحدة وإسرائيل وقبرص، أي دول شرق البحر المتوسط القادرة وذات العلاقات الندية في مواجهة تركيا.

ويرمي المشروع إلى تحفيز "الرسملة الأوربية"، لمساعدة اليونان من أجل حملها بعيدا عن أي تعاون عسكري مع روسيا، أي أنه يرسم الخطوط بين الدول المتعاونة مع روسيا – مثل تركيا - وتلك التي في الدائرة الأميركية.

أخبار ذات صلة

أول لقاء بين بايدن وأردوغان.. ملفات شائكة وعقبات في الطريق

 

أخبار ذات صلة

انتخابات قبرص تعقد المشاكل في شرق المتوسط

تأثير المشروع

ثلاثة قضايا ثنائية بين اليونان وتركيا يمكن أن تتأثر بمشروع القرار العسكري الأميركي الأخير، حسب الباحث التركي عرفان كايا أولجر، الذي شرح ذلك في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، قائلا: "ليس من بُعد سياسي للقضايا العالقة بين تركيا واليونان، بل ثمة مسائل عسكرية بالأساس، والسياسة هي الوجه البارد للحرب التقليدية المستمرة بينهما. فأزمة اقتسام السلطة على جزيرة قبرص من طرف، وحقوق أبناء الطائفة اليونانية الأرثوذوكسية في تركيا، وآليات توزيع حقوق التنقيب عن المواد النفطية والغازية في البحر المتوسط، كلها مسائل تعتمد على أشكال ومستويات التوازن العسكري بين البلدين، وفيما لو اختل ذلك التوازن لصالح دولة اليونان في المستقبل، فإن تركيا ستكون مجبرة على التراجع في جميع تلك الملفات، وتعرض أمنها القومي الداخلي للخطر".

السيناتور الديمقراطي بوب مينينديز، والذي يعد الراعي المباشر لهذا المشروع، وواحدا من أهم الوجوه السياسية الأميركية المرتبطة باللوبي اليوناني في الولايات المتحدة، ركز في تعليقه الإعلامي على إقرار القانون على ما اعتبره "القيم المشتركة" بين الولايات المتحدة واليونان، الأمر الذي يشير إلى أن الصداقة والتحالف بين الدولتين سيأخذ بعدا استراتيجيا.

أخبار ذات صلة

عشية القمة الأوروبية.. اليونان تدين تواصل "العدوان التركي"

 

أخبار ذات صلة

الناتو: لدينا مخاوف جدية بشأن سلوك تركيا

وفي ذلك السياق، قال مينينديز: "إن الذكرى المئوية الثانية لاستقلال اليونان تذكرنا بالتاريخ الطويل للتعاون بين الولايات المتحدة واليونان على أساس التزامنا المشترك بالقيم الديمقراطية، ويجب أن نواصل بناء هذا التعاون في السنوات القادمة. من أجل ضمان بقاء شرق البحر المتوسط آمنا، يجب على الولايات المتحدة تعزيز علاقتها الدفاعية مع اليونان من خلال دعم جهود اليونان لتحديث قواتها المسلحة. يسعى هذا التشريع إلى تقوية روابط الصداقة بين الولايات المتحدة واليونان من أجل تعزيز قيمنا المشتركة، وتعزيز التعاون الأمني، ودعم شرق البحر الأبيض المتوسط الآمن لسنوات قادمة".

وفيما يتعلق برد فعل تركيا مشروع القرار، توقع الباحث اليوناني مايك خوستناروس أن تتخذ أنقرة مستويين من الاستراتيجيات السريعة في ذلك الإطار: "عسكريا تركيا ستسارع لاستعادة ثقة واشنطن ومشاركتها في البرامج العسكرية المستقبلية، مثل تقديم الخدمات في أفغانستان أو الاستجابة للطلبات الأميركية نسبيا في ليبيا، والتصرف بشكل ما مع ملف منظومة الدفاع الروسية، علها تعيد بناء علاقتها العسكرية مع الولايات المتحدة، فتركيا تعرف تماما بأن أي طرف لا يمكن تعديل التوازن العسكري مع اليونان غير الولايات المتحدة".

وأضاف خوستناروس: "قد تظهر تركيا بعض المرونة في الملفات العالقة بينها وبين اليونان، وذلك لتبريد الأجواء ومستويات التوتر، حتى تتمكن من إعادة التوازن العسكري من جديد، وبالتالي خلق واقع سياسي جديد في منطقة شرق المتوسط".