تطرح مساعي التقارب الأخيرة بين القاهرة وأنقرة جملة من التساؤلات حول مدى تأثيرها على عديد من الملفات المشتركة في المنطقة، وعلى طبيعة العلاقات الخارجية لكل دولة، وموقف أطراف ومحاور أخرى، فهل يؤثر أي تقارب بين البلدين على علاقات القاهرة مع اليونان وقبرص؟

المحلل اليوناني في الشؤون الدفاعية والجيو-سياسية، أندرياس ماونتزورولياس، يشرح لموقع سكاي نيوز عربية كيف تنظر اليونان لمثل تلك المساعي، مستهلا حديثه بالإشارة إلى أن "تركيا هي طرف لا يُمكن الوثوق به"، كما شدد على ضرورة توقف أنقرة عن "التصعيد ضد أثينا ونيقوسيا"، في الوقت الذي استبعد فيه أيضا تأثر علاقة بلاده بالقاهرة، بعد أن نقل عن مصادر تأكيداتها على أن القاهرة "لن تدعم تركيا في أي نزاع مع اليونان وقبرص".

ويشير ماونتزورولياس، وهو رئيس تحرير موقع بينتابوستاغما اليوناني المختص بالشؤون الخارجية والدفاعية والجيوسياسية، إلى أن "تركيا تحاول بكل الطرق قطع العلاقات اليونانية المصرية، لا سيما بعد أن وقع البلدان (مصر واليونان) في 6 أغسطس 2020 ، اتفاقية المنطقة الاقتصادية الخالصة (ترسيم الحدود البحرية)، والتي تقر في ديباجتها بأهمية وقابلية تطبيق ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية قانون البحار، وتشير بشكل خاص إلى مبادئ حسن الجوار والتعاون وحسن النية، وأنه ينبغي على  كل طرف ممارسة حقوقه السيادية وولايته القضائية وفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التي تعد كل من مصر واليونان طرفا فيها".

أخبار ذات صلة

هذا ما قد "تخسره" إيران من التقارب التركي العربي
‎تركيا ترفض تصنيف الإخوان "إرهابية".. وتعقد التفاهم مع مصر

ويلفت إلى أن "تركيا لا تعترف بهذه الاتفاقية، علاوة على أنها ليست من الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار"، موضحاً أن "تركيا لديها فكرتها الخاصة عن الشكل الذي يجب أن تبدو عليه المنطقة الاقتصادية الخالصة، وهي في سبيل ذلك سبق ووقعت مذكرة تفاهم لترسيم الحدود البحرية مع حكومة الوفاق الوطني السابقة في ليبيا، ودعمتها في مواجهة البرلمان الليبي والجيش الوطني الليبي، وأرسلت بموجب مذكرة تفاهم الأسلحة والمتخصصين الأتراك لتدريب العناصر في ليبيا".

ويشير ماونتزورولياس إلى أن الوضع في ليبيا حيوي لمصر لأسباب عديدة؛ أهمها الأمن، بالنظر إلى الحدود التي يبلغ طولها 1200 كيلومتر والتي قد تشهد ثغرات ومصر تخشى دخول الميليشيات المتطرفة المسلحة، وسبق وأن تم ربط بعض المتطرفين الذين تم القبض عليهم في سيناء بجماعات في ليبيا أو تدربوا هناك. علاوة على أن "مصر تريد أيضا نفوذا، ولديها مصالح اقتصادية، فقبل الحرب كان ما يقرب من ثلاثة ملايين مصري يعملون في ليبيا، ومن المحتمل أن تقدم البلاد عقودا مربحة لإعادة الإعمار بمجرد انتهاء الحرب".

ويشير الاستراتيجي اليوناني إلى أنه مع رغبة مصر في تأمين مصالحها وحماية أمنها القومي، فإنها في الوقت نفسه طالبت تركيا بالتوقف عن التصعيد ضد اليونان وقبرص، ضمن مجموعة مطالب رئيسية للتقارب مع تركيا.

ويقول: بحسب المصادر، فإن القاهرة طالبت أنقرة بالتوقف عن التصعيد ضد أثنينا ونيقوسيا، وأكدت خلال المحادثات الأخيرة أنها لن تدعم تركيا في أي تزاع حدودي مع البلدين، وأنها تسعى للاتفاق، ذلك ضمن عدة مطالب رئيسية من أجل تحقيق التقارب بين البلدين.

وكان الطلب الأول مرتبط بضبط السلوك الإعلامي لوسائل الإعلام التي تتخذ من تركيا مقراً لها. والطلب الثاني مرتبط بخروج المقاتلين المدعومين من تركيا من ليبيا المجاورة لمصر. والطلب الثالث مرتبط باتخاذ إجراءات ضد أعضاء تنظيم الإخوان الذين يقيمون في تركيا منذ 2013، وكذا منع تلك العناصر من القيام بعمليات عدائية. ثم جاء طلب التوقف عن التصعيد ضد اليونان وقبرص.

ويردف المحلل اليوناني في الشؤون الدفاعية والجيو-سياسية قائلاً: "لذلك أعتقد بأن مصر أرادت أيضًا إرسال رسالة قوية إلى تركيا مفادها أن القاهرة ستدعم اليونان في البحر الأبيض المتوسط (..) أيضًا لا ننسى أنه في كل عام لدينا رسالة جغرافية سياسية قوية إلى تركيا، وهي تمرين الطيران متعدد الجنسيات (ميدوسا)، والذي يجرى منذ العام 2017 في إطار التعاون الثلاثي بين قبرص واليونان ومصر".