في العشرين من مارس عام 2016، دخل حيز التنفيذ اتفاق تركيا والاتحاد الأوروبي بشأن وقف تدفق المهاجرين، والآن، ها قد مر عليه 3 سنوات، فما الذي تحقق فعليا خلالها؟

وكان الهدف من الاتفاق وقف واحدة من أكثر المشكلات ضغطا على الاتحاد الأوروبي، وهي هجرة الملايين من طالبي اللجوء من الدول التي تشهد اضطرابات.

وبالرغم من أن الاتفاق نجح تقريبا في تحقيق الهدف الرئيسي، إذ انخفض عدد طالبي اللجوء عبر بحر إيجه، فإنه خلق مشكلات أخرى، وشكل ورقة في يد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، استخدمها مرارا في ابتزاز الأوروبيين.

ونص الاتفاق حينها على إعادة طالبي اللجوء، الذين يصلون إلى الجزر اليونانية عبر شواطئ تركيا، مقابل تلقي الأخيرة مساعدات مالية بمليارات الدولارات تصرف على اللاجئين.

وتقول تركيا إنها تستضيف على أراضيها 3.5 مليون لاجئ، لكن الأمم المتحدة تقول إن الرقم يصل إلى 2.9 مليون.

ولم تكف أنقرة عن إطلاق التصريحات التي تشير إلى تنصل الاتحاد الأوروبي من مسؤولياته تجاهها، وفق الاتفاق، وخاصة فيما يتعلق بالدفعات المالية، إلا أن بيانات الاتحاد الأوروبي تظهر عكس ذلك.

وبحسب "رويترز"، فقد منحت المفوضية الأوروبية تركيا 3 مليارات دولار أميركي حتى مارس 2019، ومن المقرر أن تمنحها أيضا 3 مليارات أخرى نقدا لدعم مشاريع خاصة باللاجئين السوريين، قبيل اجتماع أردوغان مع ممثلي الاتحاد الأوروبي في وقت لاحق من مارس الجاري.

ابتزاز أردوغان

وبالرغم من تدفق هذه الأموال الأوروبية، فإنها لم تكن كافية لوقف تصريحات أردوغان وسياساته التي حملت تهديدات واستفزازات مبطنة للأوروبيين.

وفي فبراير 2019، هدد أردوغان الدول الأوروبية بموجة لجوء هائلة، قائلا إن "الشعوب الأوروبية تعيش اليوم بأمن وسلام في بلدانها بفضل تضحيات تركيا وشعبها، لكننا لن نواصل تقديم هذه التضحيات إلى الأبد".

وإذا كان هذا التهديد مرتبطا نوعا ما بالاتفاق، فإن تصريح آخر للرئيس التركي، أظهر استغلاله للاتفاق من أجل مآرب أخرى، إذ هدد قبل عامين بفتح الحدود أمام المهاجرين الراغبين في التوجه إلى أوروبا، وذلك غداة تصويت للبرلمان الأوروبي طلب فيه تجميد مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد مؤقتا، وذلك على الرغم من أن التصويت لم يكن إلزاميا.

ويقول موقع "أحوال" الذي يتابع الشؤون التركية، إن أنقرة سمحت بين الحين والآخر بتسرب اللاجئين إلى أوروبا، وغضت الطرف عنهم من أجل إملاء شروط على الأوروبيين في أية مفاوضات أو محادثات تجرى بين الطرفين.

ونقل عن أرقام المفوضية الأوروبية، إن أكثر من 15 ألف شخص وصلوا عبر تركيا إلى الشواطئ اليونانية والحدود البرية خلال شهري مارس وإبريل عام 2018، وهو تسعة اضعاف عددهم في نفس الفترة من العام الماضي.

وكان الرقم قد وصل في عام 2015، أي قبل توقيع الاتفاق بأشهر، إلى 1.2 مليون طالب لجوء مسجل في الاتحاد الأوروبي، ونفس الرقم تقريبا تكرر في 2016، غالبيتهم عبر الحدود التركية وانخفض الرقم في 2017 إلى 654 ألف شخص.

وفي 2018 انخفض الرقم إلى 580 ألفا، بحسب أرقام "يوروستات"، وهي الإدارة الإحصاء التابعة للاتحاد الأوروبي.

وكان لهذا الانخفاض ثمن، إذ قالت منظمات إغاثية إن الاتفاق ترك آلاف طالبي اللجوء في ظروف صعبة، وبالتزامن مع الذكرى الثالثة للاتفاق، أصدرت 25 منظمة رسالة مفتوحة إلى القادة الأوروبيين من أجل اتخاذ إجراءات فورية لاحتواء هذه السياسة.

أخبار ذات صلة

تركيا تهدد أوروبا بـ"سلاح المهاجرين"
أردوغان يهدد بفتح حدود أوروبا أمام اللاجئين
تركيا واليونان.. مطامع مادية على ظهور اللاجئين
من سوريا إلى فنزويلا.. أردوغان يجني "مليارات الأزمات"

 ماذا عن بقية أوروبا؟

وقد خفض الاتفاق وصول طالبي اللجوء عبر الشواطئ التركية، إلا أنهم سرعان ما أوجدوا طرقا بديلة، ففي عام 2018 وصل أكثر من 57 ألف مهاجر غير شرعي عن طريق البحر المتوسط، وأصبحت إسبانيا الطريق رقم 1 إلى الاتحاد الأوروبي.

وكان الرقم أكثر من ضعف عدد الوافدين في عام 2017، وهو 21 ألفا، مما دفع المنظمات غير الحكومية والحكومة الإسبانية إلى إلقاء اللوم في الزيادة بعدد طالبي اللجوء على الصفقة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.

داخل تركيا

وكان للاتفاق بين بروكسل وأنقرة نتائج سلبية على الداخل التركي، إذ أدى إلى كبح تحرك الاتحاد الأوروبي ضد تركيا بسبب القمع الذي يمارسه نظام أردوغان ضد منتقديه ومعارضيه والمجتمع المدني، في أعقاب الانقلاب الفاشل عام 2016، بحسب "رويترز".

وكان الرد الأوروبي مقتصرا بشكل أساسي من خلال تجميد بعض الأموال التي كانت تركيا مؤهلة للحصول عليها كمرشحة لدخول الاتحاد الأوروبي، وتعليق محادثات الانضمام التي توقفت منذ فترة طويلة.

وبحسب موقع "أحوال"، فقد شكك مسؤولون في الاتحاد الأوروبي بآلية استخدام تركيا لأموال المساعدات التي تتلقاها لمساعدة اللاجئين السوريين على أراضيها.

وأفاد ديوان المحاسبة الأوروبي في تقرير، بأن الأموال الأوروبية سمحت بمساعدة اللاجئين في تركيا، لكن رفض أنقرة تسليم قائمة بأسماء المستفيدين أثار الشكوك حول حسن استخدام هذه المساعدات.

ودقق الديوان في مساعدة أولية بقيمة 1,1 مليار يورو مخصصة للاجئين بموجب اتفاق 2016. وقال العضوة في الديوان، بيتينا جاكوبسن: "يمكننا أن نلاحظ أن الأموال تخصص للاجئين، لكن لا يمكننا أن نتأكد كليا بأن كل الأموال تصل إليهم. هناك شكوك".

كما أعرب عن "أسفه" لعدم تمكنه من معرفة المستفيدين من المساعدات، من وقت تسجيل الأسماء حتى تلقي المال فعليا، وذلك لرفض أنقرة كشف أسماء المستفيدين، ونوع المساعدة التي تم تلقيها بحجة حماية البيانات.