ليس عاديًا خبر استثمار الإمارات بمئة مليار دولار، والسعودية بأربعين مليارًا في مجالات الذكاء الاصطناعي، فهو إن جردّناه من بعده الاقتصادي، يعبر عن نهج سياسي حداثي في الشرق الأوسط، يناكفه مشروع آخر، يستثمر في الميليشيات وزعزعة الاستقرار، قوامه جماعات الإسلام السياسي، بشقيها السني والشيعي.

الدولة الوطنية أم الميلشيات

الأول إذًا هو مشروع الدول الوطنية، أو يكفي أن نقول دول بما يعنيه المصطلح من دلالات سياسية واجتماعية، تمثله السعودية والإمارات وأيضًا مصر وغيرها من الدول العربية المتخففة من أثقال الأيديولوجيات، والتي تشكل معًا محور الاعتدال العربي.

في المقابل يأتي المشروع الأيديولوجي للإسلام السياسي بشقيه، الشيعي بقيادة إيران، والسني بقيادة أحزاب جماعة الإخوان والحركات التي تدور بفلكها.

مشروع الدول الوطنية يحاول بناء عقد اجتماعي مع الشعوب العربية عبر إدارة شؤون الاقتصاد وتعزيز التنمية، وتوفير الأمن بكل أبعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

بينما يهدر مشروع الإسلام السياسي موارد دوله بتمويل الجماعات المسلحة وحروب تقام تحت شعارات القرون الغابرة.

أخبار ذات صلة

أبوظبي تطلق استراتيجية عالمية للاستثمار بالذكاء الاصطناعي
"أدنوك" توقع اتفاقية لتوريد الغاز الطبيعي المسال إلى ألمانيا

 الاقتصاد هو الفيصل

وهذا يؤدي بالضرورة إلى تحقيق دول محور الاعتدال العربي قفزات اقتصادية هائلة، أو استقرار اقتصادي على أقل تقدير، كما تشهد استقرارًا أمنيًا ومعيشيًا.

على الضفة الأخرى تئنّ اقتصادات دول نهشتها الميليشيات كلبنان والعراق وسوريا واليمن وحتى إيران رغم تمتع هذه الدول بموارد اقتصادية هائلة، وفي المحصلة يتضعضع أمنها وأمانها.

أخبار ذات صلة

31 مليار دولار حجم التجارة غير النفطية بين الإمارات وأميركا
"وحدة الساحات" لم يتبق سوى الشعار.. وإسرائيل نفذت وعيدها
إيران تلوح بـ"وحدة الساحات" وتحذر من تصاعد التوتر في المنطقة

 مقاربة حرب غزة

في مقاربة أزمة غزة، تركز دول محور الاعتدال على وقف القتال أولاً، وتهرع إلى نجدة سكان غزة عبر اجتراح أي حل يخفف من آلامهم، ويبرز هنا دور الإمارات والأردن ومصر في إلقاء المساعدات جواً.

وعلى المدى الطويل، تدعم دول محور الاعتدال، بشكل أو بآخر جعل القطاع محمية اقتصادية آمنة على غرار سنغافورة، وفقما يتم تداوله في صحف غربية، كما تستبسل في سبيل سحبه من نير الصراعات الأيديولوجية.

أما الدول الأيديولوجية فتكثر الحديث عن وحدة الساحات وتوسيع حدود المواجهة ورفع شعارات سياسية عصية على التحقيق، لا هي حمت سكان غزة من الموت، ولا صنعت لهم نصرًا.

تستثمر دول محور الاعتدال إذًا بالذكاء الاصطناعي والاقتصاد الأخضر والمستدام وكل ما يندرج تحت عنوان المستقبل، في حين أن الدول الأيديولوجية تستثمر بسجالات الماضي العقيمة.
وفي في مقياس الدول.. قل لي بماذا تستثمر.. أقل لك من أنت.