بينما شهدت منطقة جنزور غرب العاصمة الليبية، الأحد، هجوما مسلحا على موكب وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشأغا، وهو في طريق عودته من العاصمة إلى منزله في جنزور، شكك محللون في صحة أحداث الواقعة ولمحوا إلى أنها قد تكون "خدعة".

وأشارت مصادر وشهود عيان لموقع "سكاي نيوز عربية "، إلى أن الهجوم نفذه 3 مسلحين من مدينة الزاوية مستخدمين سيارة مصفحة، يتبعون ميليشيات تم دمجها في جهاز شكل حديثا بأمر من رئيس حكومة الوفاق فائز السراج تحت اسم "دعم الاستقرار".

وفي أعقاب الحادث، طارد حرس باشأغا السيارة المهاجمة، مما أسفر عن مقتل أحد المهاجمين ويدعى رضوان الهنقاري، بينما تم القبض على الاثنين الآخرين بعد اشتباك دام لمدة 20 دقيقة.

وفي الأثناء، زحفت ميليشيات من مدينة الزاوية (90 كيلومترا غرب طرابلس) نحو منطقة غوط الشعال للدفاع عن ذويهم، وفي المقابل أعلنت الميليشيات التابعة لمصراتة النفير في منطقة ليست بعيدة، وفق المصادر، الأمر الذي كاد أن يتحول إلى اشتباكات واسعة داخل وقرب طرابلس.

وأوضحت المصادر أن وزير الدفاع في حكومة الوفاق صلاح الدين النمروش، وهو من أبناء الزاوية، تلقى "اتصالات من أطراف عديدة" من أجل التدخل لإقناع ميليشيات مدينته "بالتراجع والعودة لأماكن تمركزاتها".

أخبار ذات صلة

نجاة فتحي باشاغا من محاولة اغتيال بطرابلس.. وسقوط قتيل
سياسيا واقتصاديا.. حراك ليبي دولي يمهد طريق الحكومة الجديدة

صيد الأفاعي

وتأرجحت الروايات الداخلية التي أعقبت الهجوم على موكب باشأغا في جنزور ما بين مصدق ومشكك، وتبقى الساعات المقبلة حبلى بتفاصيل جديدة قد توضح الصورة، خاصة أن الحادث ربما تتبعه حملة كبيرة تستهدف بعض قادة الميليشيات في طرابلس والزاوية، أشار باشأغا سابقا أنه سيعلن حربا ضدهم تحت اسم "صيد الأفاعي"، وذلك حسب تكهنات محللين.

ورجحت مصادر أن تكون ميليشيات الزاوية قلقة من أن يقدمها باشأغا قربانا بشن حملة "صيد الأفاعي" للبقاء في منصبه كوزير للداخلية بالحكومة الانتقالية الجديدة، التي يشكلها عبد الحميد الدبيبة، فاختارت بدء الهجوم عليه.

فيما أكدت مصادر أخرى أن باشأغا يحاول تقديم نفسه للمجتمع الدولي على أنه "رجل الغرب القوي الذي يواجه المجموعات المسلحة".

وفي هذا السياق، رجح الكاتب الصحفي الحسين الميسوري أن "محاولة الاغتيال" جاءت بعد "التسريبات" التي تشير إلى بقاء باشأغا في منصبه ضمن التشكيل المرتقب لحكومة دبيبة.

وأوضح الميسوري في حديثه إلى موقع "سكاي نيوز عربية"، أن "بعض الميليشيات في المنطقة الغربية تخشى تعرضها للاستهداف ضمن خطة باشأغا التي أعلنها مسبقا".

وفي يناير الماضي، أعلن باشأغا إطلاق حملة قال إن هدفها "استهداف الخارجين عن القانون، وتصفية عدد من الميليشيات المسلحة التي تعيق الحل في ليبيا"، لكن مراقبين شككوا في نوايا الحملة، ووصفوها بأنها "محاولة جديدة من ميليشيات مصراتة الداعمة لباشأغا من أجل فرض نفسها أمام خصومها الآخرين في الغرب، ومنهم ميليشيات الزاوية".

وبالتزامن مع التطورات المتلاحقة على الأرض، سارعت السفارة الأميركية في ليبيا إلى إصدار بيان دانت فيه الهجوم على باشأغا، وأشارت إلى مكالمة أجراها معه السفير ريتشارد نورلاند قال فيها إن واشنطن "تدعمه في إنهاء نفوذ الميليشيات المارقة".

وكان باشأغا الطرف الممثل لحكومة الوفاق في الاجتماعات التي عقدت مع مسؤولين أميركيين أمنيين وعسكريين خلال السنتين الماضيتين، بشأن "خطة تفكيك وإعادة هيكلة الميليشيات"، وقد أسفرت الاجتماعات عن إصداره قرارا بـ"تصنيف المجموعات المسلحة إلى 3 أقسام بألوان أخضر وأصفر وأحمر، على أن يعاد دمج تلك التي تندرج ضمن اللون الأخضر ضمن الأجهزة الأمنية، ويتم حل المصنفة في اللونين الآخرين".

علامات استفهام

وفي المقابل، راجت رواية أخرى تؤكد "افتعال" محاولة الاغتيال، ويقول مصدقوها إن "حرس باشأغا هم من بادروا بإطلاق النار على سيارة جهاز دعم الاستقرار، وافتعلوا الحادث من أجل تبرير الإجراء الذي سيتخذ ضد بعض الميليشيات في الأيام المقبلة".

ومن بين داعمي وجهة النظر هذه المحلل السياسي الليبي محمود المصراتي، الذي يصف تلك الواقعة بـ"المسرحية"، متسائلا في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": "كيف يعقل أن تهاجم سيارة على متنها 3 مسلحين موكبا من عشرات السيارات المسلحة ومئات المقاتلين المدربين؟".

ويشير المصراتي إلى اجتماع عقده باشأغا مؤخرا مع عدد من أنصاره، أبلغهم في حينها بـ"حتمية بقائه في السلطة حاليا حتى لا ينساه الناس"، لذا "يسعى إلى إظهار نفسه كبطل يواجه الميليشيات ليحظى بدعم شعبي".

وبالمثل، يشكك رئيس ‏مؤسسة "سلفيوم" للدراسات والأبحاث الليبية جمال شلوف في ملابسات الحادث، متعجبا من استهداف "سيارة واحدة" لرتل من نحو 50 سيارة مصفحة ضمن الموكب.

ويقول شلوف لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "العملية لم تنفذ مثلا على طريقة تنظيم داعش الذي يستخدم السيارات المفخخة أو العناصر الانتحارية، وإنما من قبل مقاتلين تابعين لميليشيات عددهم أقل من أصابع اليد الواحدة".

وتابع: "مفارقة غامضة لا يقبلها المنطق، لكن السفارة الأميركية تقبلتها سريعا"، فيما توقع حدوث "تطورات كبيرة" في الأيام المقبلة.