تقيم دولة الفاتيكان علاقات ديلوماسية هادئة مع معظم الدول العربية، منذ سنوات طويلة، وأجرى عدد من باباوات الكنيسة الكاثوليكية زيارات تاريخية إلى المنطقة، في إطار مساع دؤوبة لتعزيز السلام وحوار الأديان.

وتتخذ العلاقات بين الفاتيكان والدول العربية طابعا رمزيا، من حيث المبدأ، بالنظر إلى عدم وجود تعاون اقتصادي أو استراتيجي كبير، لكن الروابط القائمة تبدو على قدر كبير من الأهمية في الوقت الحالي، بعدما بات التوتر الديني والمذهبي سيد الموقف على الساحة الدولية.

وفي أحدث محطة من محطات توثيق العلاقة بين الدول العربية والفاتيكان، يصل البابا فرنسيس، مساء الأحد، إلى دولة الإمارات بغرض المشاركة في مؤتمر حول الأديان.

وتأتي الزيارة وسط دلالات عميقة للمكان والزمان، فهذه الزيارة تأتي في ظل اضطلاع البلد الخليجي بدور محوري في دعم جهود التسامح ونبذ الإرهاب والتشدد، أما التوقيت فيتزامن مع سياق عالمي تثار فيه قضايا عدة ذات طابع ديني.

أخبار ذات صلة

في زيارة تاريخية.. البابا فرنسيس إلى الإمارات فبراير المقبل

وبالعودة إلى الوراء، تبرز جهود دؤوبة من الفاتيكان لمد جسور التقارب مع الدول العربية، لاسيما أن المسيحيين شكلوا منذ قرون جزء مهما من النسيج الشعبي في منطقة الشرق الأوسط، على الرغم من تناقص أعدادهم من جراء الهجرة إلى الخارج.

ومن الأمور التي تجعل من العلاقات الدبلوماسية بين الفاتيكان والدول العربية أمرا حتميا، هي المركزية التاريخية لمدينة بيت لحم الفلسطينية للمسيحيين، كونها المكان الذي ولد به النبي عيسى، وتستقبل كنيسة المهد المدرجة ضمن التراث العالمي حشودا كبيرة من الزوار كل سنة.

أخبار ذات صلة

الجسمي "يصدح بالتسامح" في الفاتيكان

وزار البابا يوحنا بولس الثاني لبنان في مايو من 1997 ودعا الشباب في كلمة مؤثرة إلى التعجيل بالمصالحة لأجل فتح صفحة جديدة في تاريخ البلاد، وفي سبتمبر 2012، أجرى البابا بنديكت السادس عشرة زيارة مماثلة إلى لبنان.

وحرص البابا يوحنا بولس الثاني، الذي تحول إلى رمز لتقارب الأديان، على زيارة مصر عام 2000، وفي عام 2017، أجرى البابا فرنسيس زيارة إلى مصر والتقى بالرئيس عبدالفتاح السيسي.

وعلى هذا المنوال، تم إجراء زيارات بابوية أخرى إلى عدد من الدول العربية الأخرى؛ وزار البابا يوحنا بولس الثاني المغرب في عام 1985 وتونس في عام 1996 والأردن في عام 2000 وسوريا في عام2001.

وتهدف زيارة باباوات الكنيسة الكاثوليكية لعواصم عربية إلى تكريس ثقافة التسامح، في الوقت الذي تسعى فيه بعض التنظيمات المتشددة أن تستغل فهما خاطئا ومزيفا للدين حتى تدق الأسافين بين المسلمين والمسيحيين.

وقام تنظيم داعش الإرهابي، الذي سيطر على مناطق واسعة من سوريا والعراق بعد عام 2014، في انتهاكات وحشية ضد مسيحيين وأقليات دينية أخرى، لكن المتشددين جوبهوا برفض كبير باعتبارهم جماعة مارقة لا تمت إلى الإسلام بصلة.

ولأن محاولة الجماعات المتشددة، التي تحسب نفسها على الإسلام، لإفساد العلاقات بين المسيحيين والمسلمين، باءت بالفشل، يواصل الأزهر الشريف في مصر تعزيز العلاقات والتفاهم مع الكنيسة الكاثوليكية في الفاتيكان.

وفي أواخر العام الماضي، هنأ شيخ الأزهر، أحمد الطيب، في اتصال هاتفي، البابا فرنسيس، بأعياد الميلاد وعيد الميلاد الثاني والثمانين للبابا، وسلطت هذه الخطوة ضوء على جهود التقارب الراسخة، التي تسمو على الحوادث والمواقف المعزولة.