في أقل من أسبوع، نجح COP28 المنعقد في دولة الإمارات العربية المتحدة، في تعظيم آمال القارة الإفريقية من أجل الخروج بنتائج استثنائية من هذا المؤتمر، لجهة دعم جهود التكيف والتخفيف من آثار التغيرات المناخية التي تعاني منها دول القارة أكثر من أي مكان آخر، رغم محدودية مساهمتها في الانبعاثات.

أفسح المؤتمر المجال للدول الإفريقية من أجل التعبير عن تطلعاتها على نحو أوسع، وتبادل تلك التطلعات مع شركاء التنمية، وإطلاق مبادرات جديدة هادفة إلى تسريع خطوات دول القارة في مضمار التحول الأخضر، والتغلب على التحديات الناجمة عن التغير المناخي، ومنها أخيراً مبادرة التصنيع الأخضر، التي تعكس تطلعات إفريقية واسعة.

شهد المؤتمر عديداً من الفعاليات التي انخرط فيها المسؤولون الأفارقة بفاعلية، والتي تطرقت بشكل مباشر إلى الأوضاع في القارة السمراء، الأكثر تأثراً بتداعيات التغيرات المناخية.

أخبار ذات صلة

بنوك الإمارات تتعهد بتقديم 270 مليار دولار للتمويل الأخضر
شركات الطاقة.. دور رئيسي في مستقبل منخفض الكربون

من بين تلك الفعاليات التي احتضنها المؤتمر، كانت "قمة تمويل التكيف من أجل إفريقيا"، والتي انعقدت في اليوم الثاني من COP28، ودعت إلى استجابة عالمية أكبر لاحتياجات تمويل التكيف في القارة السمراء؛ لمعالجة تأثير تغير المناخ وبناء القدرة على الصمود.

وفيما يصل التمويل المخصص لـ "التكيف" مع التغيرات المناخية في القارة السمراء إلى نسبة 39 بالمئة من إجمالي التمويلات المناخية، مقابل النسبة الأعلى لصالح جهود التخفيف، دعا المشاركون في القمة إلى زيادة وتيرة تمويل التكيف على نحو يضمن للقارة السمراء مواجهة أعباء آثار التغيرات المناخية.

ودعا المشاركون الجهات المانحة والمستثمرين إلى الانضمام إلى نافذة العمل المناخي لتقديم تقنيات زراعية مقاومة للمناخ لنحو 20 مليون مزارع.. وإعادة تأهيل مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، علاوة على توفير المياه والصرف الصحي والخدمات الصحية لنحو 18 مليون شخص، والطاقة المتجددة لما يقرب من 10 ملايين شخص.

أخبار ذات صلة

كيف تؤثر النظم الغذائية والزراعية على التغيرات المناخية؟
تونس.. خطة للتعايش مع مخاطر التغيرات المناخية

ومن الفعاليات المهمة أيضاً والمرتبطة بشكل مباشر بالقارة الأفريقية، المبادرة التي أعلن عنها الرئيس الكيني، والخاصة بتسريع التصينع الأخضر.

آمال إفريقية في COP28

بدوره، يوضح خبير الأمن القومي والعلاقات الدولية المتخصص في الشؤون الإفريقية، اللواء محمد عبد الواحد، في تصريحات خاصة لموقع " اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن:

  • إفريقيا دائماً كانت تعاني من الإهمال في جميع المجالات، وعلى رأسها تأثرها الواسع بالتغير المناخي، الذي لم يأخذ حقه من الضوء حتى الآن.
  • الدول العظمى هي السبب الرئيس في كارثة التغيرات المُناخية في العالم.
  • إفريقيا، باعتبارها أكثر القارات معاناة من هذا التغير لم تحصل حتى الآن على التعويضات المطلوبة، أو مبالغ ملائمة تعوضها ولو بنسبة معقولة عن الخسائر الكبيرة التي أصابتها.
  • التغير المناخي أثر على إفريقيا بشكل مباشر، على سبيل المثال منطقة الساحل والصحراء، فضلا عن بحيرة تشاد كنموذج واضح في هذا السياق، إضافة إلى زيادة نسبة التصحر والجفاف العالية، وغيرها من الأمثلة، وبما لها من تأثيرات اقتصادية واجتماعية.
  • كذلك فإن التغير المناخي أثر بشكل كبير على طبيعة الصراعات في المنطقة، ما جعل هناك تنافسا على الموارد، إضافة إلى إتاحته مناخ لنمو الإرهاب في المنطقة، والذي بدوره استغل تلك التغيرات.

وعليه، يعتقد عبد الواحد بأن COP28 وبما شهده من تقدمات، يمثل إضافة جديدة تحسب للدبلوماسية الإماراتية، بداية من تفعيل صندوق الكوارث المناخية، مروراً بالمبادرات والمساهمات الجديدة.

أخبار ذات صلة

COP28.. تعهدات مالية متتالية لدعم العمل المناخي
بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر يدعمان العمل المناخي العاجل
COP28.. التزامات جديدة لتوسيع الاستثمارات في المناخ والصحة
دراسة: المدن تواجه فجوة ضخمة في التمويل المناخي

ويقول خبير الأمن القومي إن مؤتمر المناخ هذا العام أطلق مبادرات جديدة مثل مبادرة التصنيع الأخضر في إفريقيا، وهي في الأساس مرتبطة بالواقع الإفريقي بشكل خاص، الذي يعاني كثيراً من تداعيات البطالة وانتشار الإرهاب، إضافة إلى عدم الاهتمام بعمليات التنمية، مؤكداً أن المبادرة الجديدة التي أطلقت خلال المؤتمر مرتبطة بخطة إفريقيا 2063، وبالتالي جاءت في التوقيت المناسب، وتنفيذها الآن مهم لمساعدة أجندة القارة على التحقيق، إضافة إلى المساعدة في عمليات التنمية بشكل عام، ما يسهم في خلق فرص عمل للشباب بدلا من الهجرة إلى الشمال وأوروبا.

تخفيض الراتب أو فقدانه ليس نهاية المطاف

ويستطرد: ستكون المبادرة قادرة على تحقيق شقين معاً في نفس التوقيت، الأول هو تنمية القارة والثاني التخلص من تداعيات التغير المناخي والسيطرة عليه.

مبادرة التصنيع الأخضر

يشار إلى أن المبادرة المذكورة، والتي أطلقها الرئيس الكيني، ويليام روتو، تؤكد أهمية التصنيع الأخضر لتسخير موارد القارة الإفريقية الهائلة وعالية الجودة لضمان الرخاء للجميع ، حيث يعد التصنيع الأخضر في إفريقيا أمر بالغ الأهمية لتحقيق طموحات المناخ الجماعية في العالم.

ميثاق "إزالة الكربون من النفط والغاز" وشركات الطاقة العالمية
  • تهدف مبادرة التصنيع الأخضر في إفريقيا إلى تسريع وتوسيع نطاق الصناعات والشركات الخضراء في جميع أنحاء القارة، وتعزيز التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه، وتحفيز النمو الاقتصادي الأخضر في القارة.
  • وفق روتو، فإن المبادرة تمثل خطوة ملموسة نحو تحقيق إعلان نيروبي، وتفعيل توسيع نطاق التجمعات الصناعية الخضراء بقيادة القطاع الخاص.
  • تبنى الزعماء الأفارقة بشكل لا لبس فيه مبادرة التصنيع الأخضر في إفريقيا باعتبارها المسار النهائي للتنمية في بلدانهم.
  • ناقش القادة الأفارقة - خلال اجتماع على هامش المؤتمر - خططهم لتفعيل التحول الاجتماعي والاقتصادي الشامل من خلال النمو السريع للمجموعات الصناعية الخضراء، والدور القوي لأسواق التصدير الإقليمية والعالمية للمنتجات والتقنيات الخضراء ذات القيمة المضافة، والتي تعتبر حاسمة لسلسلة قيمة الطاقة النظيفة العالمية.

ويعد مؤتمر الأطراف أكبر منصة عالمية للدول للتفاوض على طريقة متفق عليها للمضي قدمًا لمعالجة تغير المناخ. ويجمع هذا التجمع أيضًا أصحاب المصلحة الرئيسيين المشاركين في تغير المناخ: الحكومات والقطاع الخاص والشباب والمجتمع المدني.

الحياد المناخي.. هل يعيد رسم مستقبل قطاع الطاقة؟

خطوات إيجابية مؤثرة

خبير الشؤون الإفريقية، مدير الملف الإفريقي بمؤسسة الجمهورية الجديدة للتنمية، رامي زهدي، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن:

  • قمة COP28 جاءت مكملة لمسار طويل من العمل البناء لدعم جهود الدول خاصة النامية منها وذات الاقتصادات الناشئة لمواجهة الآثار السلبية الخطيرة للتغيرات المناخية.
  • كان انعقاد القمة 28 في الإمارات وقارة آسيا بعد أن سبقتها القمة 27 في مصر وقارة إفريقيا، ليشير لاستكمال الخطوات المؤثرة في هذا الملف.
  • الإمارات دولة ذات تأثير چيوسياسي كبير يتضح أكثر في المنطقة العربية والقارة الإفريقية، وبالتالي استطاعت قمة COP28 أن تبني بشكل جيد على ماتحقق في القمة 27.

ويضيف: "تستطيع إفريقيا الحصول على فرص عديدة لدعم جهود دولها في مواجهة أزمات المناخ، من خلال الحضور الإفريقي المميز في قمة اتسمت منذ مراحل الإعداد لها بالجدية والواقعية في التناول وتعدد البدائل والفروض في إطار الوصول لحلول".

ويشدد زهدي على أن "السعي الإفريقي يظل دائماً في اتجاه الضغط على الدول المانحة للوفاء بالتعهدات، خاصة في مجالات دعم مواجهة الدول الإفريقية للآثار الاقتصادية والمجتمعية وبالتأكيد البيئية لأزمات المناخ التي لم تكن القارة الإفريقية طرفاً أصيلاً مشارك في حدوث هذه الأزمات؛ لأنها في أسبابها الأساسية هي نتاج للثورة الصناعية الكبرى في الدول الصناعية، وكذلك الاستخدام الجائر للموارد والطاقات".

ويوضح خبير الشؤون الأفريقية في هذا السياق أن COP28 يسير في طريق دعم الاستثمارات العالمية خاصة الأوربية في القارة الإفريقية وتوجيهها لمشروعات الطاقة البديلة والمتجددة، خاصة الهيدروجين الأخضر، وكذلك المبادرات الصناعية والتنموية ذات الصلة بتفعيل آليات تطبيق الاقتصاد الأخضر في أكبر نطاق جغرافي ودولي ممكن داخل القارة الإفريقية وهي القارة الأغني بالموارد والأفقر في الخدمات وملامح التنمية الحديثة المستدامة.

تمثل الإطار الرئيسي لمشاركة دول القارة الإفريقية في COP28 في استهداف تحفيز عمليات التصنيع بمسارات دعم قوية وإيجاد آليات تمويل واستثمار مباشر بشروط ميسرة منصفة وعادلة لصالح دعم جهود دول القارة للتعايش مع أزمات المناخ والحيلولة دونما تطورها للأسوء، مع الإدارك الجيد لأبعاد أزمة المناخ علي امن وسلم القارة وكذلك الأمن الغذائي والطاقي وفرص توفير مبادئي الحياة الكريمة لأكبر عدد ممكن من سكان القارة الإفريقية، وفق زهدي.

هل من أضرار لتنافس الدول الكبرى على تقنيات الطاقة النظيفة؟