يعتبر التحكم في الشؤون المالية من المهام المعقدة، فإدارة الفرد لأمواله ليست بالأمر السهل، وهذا ما يدفع الكثير من الناس إلى ارتكاب أخطاء فادحة، تضعهم في وضع مالي صعب طوال حياتهم.

ورغم أن بناء عادات مالية جيدة وقوية أمر مهم للغاية، فإن تأثير الظروف الحياتية اليومية، يدفع الفرد إلى اتخاذ قرارات مالية غير عقلانية، ترتد عليه بشكل كارثي وتدمر مستقبله، حيث يرى الخبراء أن السبب الأول في ذلك، هو غياب "الوعي المالي"، بسبب عدم الاهتمام بتدريس مبادئ المال في المدارس، إذ أن الوعي المالي، يتيح للفرد اكتساب مهارات تخوله السيطرة على رغباته المالية، والتحكم في احتياجاته وواجباته وإدارة شؤونه المالية، وتحقيق "الصحة المالية".

ويشير مصطلح الصحة المالية إلى الحالة النقدية الشخصية للفرد واستقرارها، أي الشعور بالأمان المالي، وحرية اتخاذ القرار المالي في الحاضر وعند التفكير في المستقبل. كما تتلخص أبرز علامات الصحة المالية في التدفق المستمر للدخل، وندرة تغير النفقات وديمومة نمو السيولة النقدية.

أخبار ذات صلة

دراسة تحذر: البطاقات الائتمانية لا تساعد على الادخار
كيف يجب التعامل مع الراتب الشهري؟

الخطأ الكبير

ويقول خبير الإدارة المالية، حسان حاطوم، في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إنه مما لا شك فيه أن اتخاذ الفرد لقرارات مالية غير عقلانية، عبر الإنفاق المفرط على أمور لا تشكل أولوية، واعتقاده أنه المتحكم الوحيد في تحديد المسار الذي ينتظره في المستقبل، يعتبران من الأخطاء المالية التي تجعل مستقبله المالي غير مستقر. لكن الخطأ الكبير الذي يمكن أن يدمر مستقبل أي شخص، خصوصاً في العصر الحالي، يتمثل في إنفاق الفرد لأموال لا يمتلكها على أمور لا يحتاجها.

خطأ إنفاق أموال لا نملكها

وبحسب حاطوم، فإن العيش على المال المقترض وتحديداً الذي توفره بطاقات الائتمان، التي يمكن الحصول عليها بسهولة حالياً، هو أسوأ خطأ مالي يمكن ارتكابه، فهذه البطاقات تدفع الفرد إلى إنفاق أموال لا يملكها، وترهقه بالفائدة التي يجب عليه دفعها، كما أنها السبب الأول في دفع الجيل الشاب، إلى اتخاذ قرارات شرائية غير عقلانية، وهذا ما تؤكده الدراسات، التي تظهر أن المتسوقين ينفقون أكثر بنسبة تصل إلى 100 بالمئة، عند الدفع عبر بطاقة ائتمان.

أخبار ذات صلة

العيدية.. كيف نُعلم أبناءنا الادخار والإدارة المالية؟
بعد ثباته 3 عقود.. كيف انعكس ارتفاع التضخم على اليابانيين؟

 الانجراف خلف التسويق المضلل للربح السريع

ويضيف حاطوم، أن بعض الصفحات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، لعبت دوراً كبيراً في السنوات الأخيرة، في دفع الكثير من الأشخاص، إلى ارتكاب أخطاء مالية أثرت سلباً على مستقبلهم، وهذا الأمر مستمر حتى الساعة، حيث توحي هذه الصفحات بأنه يمكن لأي فرد، تحقيق مكاسب سريعة بطريقة سهلة، وذلك من خلال الاستثمار في بعض الأصول، مشيراً إلى أن هؤلاء يتم تكليفهم بالتسويق "المدفوع" لبعض الأدوات الاستثمارية، لخلق انطباع خاطئ عن المسار الذي يجب أن يسلكه الفرد لجمع ثروة، وبالتالي فإن الاستماع لنصائح هؤلاء، يعد من أهم الأسباب التي تدفع الناس إلى ارتكاب أخطاء مالية في العصر الحالي.

نمط الحياة المتضخم

وشدد حاطوم على أن "أسلوب الحياة المتضخم" أو ما يعرف بالمغالاة في نمط الحياة، هو ظاهرة تنتشر كثيراً حالياً، وتدفع الفرد إلى الاعتقاد أنه قادر على الحصول على كل شيء، فيلجأ إلى الاستفادة من خدمة الدفع على أقساط ولسنوات، ويقوم بشراء شقة سكنية وسيارة جديدة وهاتف ذكي من الطراز الأخير وغيرها من السلع، ويعمد إلى التباهي بأنه مليء مالياً عبر اعتماد أسلوب حياة الرفاهية، ليجد نفسه في نهاية المطاف، أسير التزامات مالية منهكة وطويلة المدى قادرة على تدمير مستقبله.

هل فكرت في استثمار أموالك قبل وصولك للتقاعد؟

لست الوحيد الذي يقرر مسار المستقبل

وبحسب حاطوم، فإن هؤلاء الأشخاص، هم في العادة قادرون على تغطية مصاريفهم الشهرية، ولكنهم عاجزون عن تحقيق الاستقرار المالي بعيد المدى، حيث إن أي أمر غير متوقع قد يحدث معهم، مثل فصلهم من العمل لأسباب اقتصادية، قد يؤدي إلى خسارتهم لكل شيء، ولذلك على كل فرد وعند قيامه بإعداد خطة مالية لحياته، أن يضع في الاعتبار أنه ليس الشخص الوحيد، الذي يتحكم في تحديد المسار الذي ينتظره في المستقبل، بل الأحداث ومنعطفات الحياة هي التي تتحكم في مساره، ومن هنا يجب عليه التمهل في اتخاذ القرارات، والتعلم في كيفية تحديد الفرق بين الضروريات والكماليات.

صندوق ادخاري

من جهته، يقول عضو اللجنة التنفيذية في المنتدى الاقتصادي العالمي الدكتور ألفرد رياشي، في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الأمان المالي لا يمكن تحقيقه بين ليلة وضُحاها، بل عبر فترات طويلة تتطلب دراسة وتوعية وصبرا، إذ على الفرد الاستثمار في نفسه أولاً، وإنشاء صندوق ادخاري خاص به، تتم تغذيته بـ 20 في المئة من المدخول الشهري، وبالتالي فإن الادخار في هذا الصندوق، يلعب دوراً مهماً في تحقيق الصحة المالية، لافتاً إلى أن تجاهل هذه الخطوة، يمكن أن يدمر المستقبل المالي لأي فرد.

أخبار ذات صلة

كيف تخطط لاستثمار أموالك في أوقات الأزمات الاقتصادية؟
"الأموال الساخنة".. مسكنات اقتصادية قد تنتهي بفاجعة

كيف تصل إلى الراحة المالية؟

ولفت رياشي إلى أن أي شخص يريد أن ينعم بالراحة المالية، عليه التخطيط جيداً للوصول إلى هذه المرحلة، والتخلص من بعض الأفكار الخاطئة، وخصوصاً فكرة أننا "لا نعيش سوى مرة واحدة لذا سننفق جميع أموالنا"، مشيراً إلى ألا أحد يعلم ما يخبئه المستقبل، حيث إن استنزاف دخلنا المالي بأكمله، والاستمتاع به دون مبالاة، بناءً على فكرة أننا قد نموت غداً، بات أسلوباً يتبعه الكثيرون في العصر الحالي، ويؤدي إلى معاناتهم مالياً طوال حياتهم.

عدم مراكمة الفواتير والديون

وشدد رياشي على ضرورة أن يقوم الفرد بتحديد مقدار المال الذي يجنيه شهرياً، من أجل تغطية كل نفقاته ودفع فواتيره دون تأجيل، ليقوم بعد ذلك بتحديد المبلغ الذي يمكن ادخاره، داعياً إلى عدم مراكمة الفواتير والديون.

وفيما يلي بعض النصائح البسيطة التي قد تساعدك في الحد من الإنفاق:

  • تجنب الاندفاع في الشراء. فكر ولا تتسرع في تناول محفظة النقود من جيبك أو بطاقة الإئتمان. إذا كان عليك أن تدفع نقداً، فهل لا تزال تود الشراء؟
  • قارن بين الأسعار في المحلات التجارية والتزم بهذه العادة، وفرق بين احتياجاتك ورغباتك.
  • الحاجة: هي ضرورة أساسية للحياة: الثياب والطعام والأدوية واحتياجات العمل والدواء.
  • الرغبة: هي ما تتمناه ولكنه ليس أساسياً. على سبيل المثال الإجازة، والوجبات في المطاعم، وألعاب الفيديو، والعضوية في النادي، أو حذاء من ماركة معروفة.
كيف يمكن التخطيط لرحلة سفر؟