تسعى مصر للتحوُّل إلى الصناعة الخضراء الصديقة للبيئة، والتي تعكس رؤيتها في 2030 التي تعتمد على 3 محاور: الاقتصادي، الصحّي، البيئي، عبر اقتصادٍ يهدف إلى الحدّ من المخاطر البيئية، وتحقيق التنمية المستدامة، من دون أن يؤدي ذلك إلى تدهور بيئي.

ونشر مركز المعلومات ودعم اتخّاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري، العدد الأول من سلسلة آفاق صناعية، تحت عنوان "آفاق الصناعة الخضراء في مصر"، تزامناً مع اقتراب موعد انطلاق COP27 بمدينة شرم الشيخ، الحدث الأهم على المستوى الدولي فيما يخص التغير المناخي.

حلول دولية لمقاومة أزمة الجفاف

 وذكر أنَّ أداء القطاع الصناعي في مصر ثابت على مدار العشرين عاماً الماضية، إلا أنّ القيمة المضافة للقطاع انخفضت منذ عام 2000 (نحو 17 بالمئة) حتى عام 2019 (نحو 15.3 بالمئة) بنسبة 2.7 في المئة، رغم امتلاك مصر قطاع صناعي تنافسي مقارنة بمتوسط الدول الإفريقية.

وقد نجحت مصر في خفض كمية الانبعاثات الكربونية الناتجة عن القطاع الصناعي من 0.83 كيلوغرام لكل قيمة مضافة من القطاع في عام 2000، إلى 0.67 كيلوغرام، إلا أنّه مستوى منخفض مقارنة بمتوسط الدول الإفريقية التي نجحت في خفض الانبعاثات من 1.03 كيلوغرام عام 2000 إلى 0.63 كيلوغرام في عام 2019.

أخبار ذات صلة

كيف استبقت مصر قمة المناخ بإجراءات اقتصادية خضراء؟
بقرارات استثنائية.. مصر تتجه لصدارة وجهات الاستثمار بإفريقيا

وجاء في الورقة البحثية أنّ متطلبات وآليات تفعيل الصناعة الخضراء في مصر تتطلب الآتي:

• التوسُّع في تطبيق التكنولوجيات البيئية النظيفة كالمصانع التي تعمل على انتاج وحدات الاستفادة من الطاقة الشمسية.
• التطبيق المستمر لاستراتيجيات وقائية تشمل عمليات التصنيع والتسويق.
• تفعيل عمليات الرقابة الصناعية الجادّة ونشر ثقافة الاقتصاد الأخضر.
• اقتراح بإنشاء وتفعيل مركز مصري للإنتاج الأنظف أسوة بما يحدث في كثير من بلدان العالم النامي.

الدعم والتمويل

ويرى الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي أنّ مصر لديها الإمكانيات والقدرات التي يمكن البناء عليّها للتحوُّل إلى الصناعة الخضراء، ولكنّ ما تحتاجه هو فقط الدعم والتمويل.

وبحسب الشافعي في تصريحات خاصّة لموقع "سكاي نيوز عربية" فإنّ تأثيرات الطاقة غير النظيفة التي لا زال يستخدمها العالم، سيكون له عواقب وخيمة على التغيّر المناخي في المستقبل القريب، مشيرًا إلى أنَّ مصر تدّعم التحوّل للأخضر وتخضير الصناعات، وهو ما شهدته مدينة شرم الشيخ التي أصبحت أول مدينة مصرية صديقة للبيئة.

وأشار إلى أنَّ هناك عدد من التحديّات التي تواجه الصناعة الخضراء يأتي على رأسها غياب الحوافز الحقيقية لرؤوس الأموال بالإضافة إلى التعاقد على خطوط إنتاج ذو تلوُّث منخفض للبيئة.

وشدد على أنَّ تحسين كفاءة وفاعلية استخدام الموارد الطبيعية سيسهم في زيادة الإنتاجية الصناعية المصرية، وتحسين الكفاءة الاقتصادية والقدرة التنافسية.

وزير البيئة المصرية، ياسمين فؤاد، قالت، في تصريحات سابقة، إنَّ نسبة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في مصر 0.6 في المئة وفقاً لآخر تقرير تم نشره، بواقع 325 مليون طن، وهي من أقّل المستويات عالميّاً.

ثلاثة مسارات

بينما يشير مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، مصطفى أبو زيد، إلى أنَّ متطلبات التحوّل للصناعة الخضراء تتمحور حول:

• وضع تشريعات وأطر تنظيمية وحوافز تشجّع على الاستثمار في الصناعات الخضراء.
• التوجّه نحو المشروعات التي لا تستنفد الكثير من الموارد الطبيعية.
• نشر الوعي حول أهمية وجدوى الصناعة الخضراء.

أخبار ذات صلة

فرنـسا توسع الاهتمام بملف البيئة وتعتبره أولوية
أزمة المياه بالمغرب.. المياه العادمة لسقاية المساحات الخضراء
خطر الانهيارات الطينية يتزايد عالميا.. ما الأسباب؟
منظمة: أنهار جليدية كبيرة ستختفي بسبب تغير المناخ

وتستهدف مصر بحسب الاستراتيجية الوطنية الخاصّة بالاقتصاد الأخضر التي أطلقتها في عام 2016 الوصول إلى نسبة 30 في المئة من ‎مشروعات الاقتصاد الأخضر خلال العام المالي الحالي 2021 - 2022، على أن تصل النسبة إلى نحو 50 في المئة بحلول عام 2024 – 2025.

ويوضّح أبو زيد في تصريحات خاصّة لموقع "سكاي نيوز عربية" أنّ مصر سارت في مسارات عديدة: مسار الطاقة النظيفة، مسار السيارات الكهربائية، مسار الهيدروجين الأخضر.

ويضيف: "فيما يتعلّق بمسار الطاقة النظيفة استهدفت مصر التوسّع في الاعتماد على الطاقة المتجددة بنسبة 42 بالمئة بحلول عام 2035، وتعاونت مصر مع شركة صينية لإنتاج أول سيارة كهربائية في مصر، وفيما يتعلّق بمسار الهيدروجين الأخضر، فتعمل وزارة الكهرباء والطاقة المصرية، وقّعت مصر اتفاقية بدء في الدراسات الخاصّة بإنتاج الهيدروجين الأخضر ومن ثمّ التصدير مع شركة ديمي البلجيكية".

وفي ختام حديثه، أوصى مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية بـ"عدم استخدام صناعات الاقتصاد الأخضر كوسيلة لتطبيق إجراءات تجارية، وضرورة معالجة الاقتصاد الأخضر للمشكلات التجارية كالإعانات الضارة بيئيّاً، إنشاء نظام تمويلي بواسطة الجهاز المصرفي لتمويل مشروعات الصناعة الخضراء".

5 تحديّات

بينما يقول أستاذ الاقتصاد والمالية العامّة بجامعة فاروس بالإسكندرية، أحمد عبد العليم، إنّ هناك 5 تحديّات تواجه تحوُّل مصر نحو الاقتصاد الأخضر: "الزيادة السكانية، إنتاج الطاقة وخاصّة الكهربائية المنتجة من التوربينات المدارة بمشتقات البترول".

ويستطرد في تصريحات خاصّة لموقع سكاي نيوز عربية: "يُضاف إلى ذلك الصناعة التي تتسبب في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وخاصّة صناعة الحديد والصلب والأسمدة، والسيراميك، والأسمنت، ثم رابعاً وسائل النقل بأنواعها، وخامس تحدٍّ هو ملوّثات الهواء الأخرى كحرق قشّ الأزر والقمامة ما يضاعف من تلوّث الهواء".

ويشدد على ضرورة اتخاذ الحكومة إجراءات جديّة للتحوُّل للأخضر من خلال "التوسُّع في فرض ضريبة بيئية على المصانع الملوّثة للبيئة، وإحياء مشروعات تشجير الشوارع والطرق لما لها من بُعْدٍ بيئي بامتصاص ملوّثات الهواء".