لم أكن شاهداً على عصره الذي شارك خلاله في لجان التحضير لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة. وهو أحد أعضاء الوفد الذي قام بزيارة مجموعة من الدول العربية لشرح وجهة النظر لقيام دولة الإمارات. لكنني كنت واحدا من "أحفاده المهنيين" إن جاز التعبير، فهكذا كان يعاملنا كأبنائه خلال رئاسته لمجلس إدارة جائزة الصحافة العربية.
كان هذا المرحوم خلفان محمد الرومي: جم التواضع، دمث الأخلاق، واسع الاطلاع والحكمة، وصدره بسعة البحر.
تركيبة الراحل الذي وافته المنية الأربعاء تترجم شخصية الآباء المؤسسين لدولة لؤلؤة امتد خيرها وكرم أهلها إلى كل العرب.
خلال تسجيلي للعديد من محاضر الاجتماعات المغلقة لاجتماعات مجلس إدارة الجائزة، شهدت على انحياز الجد الرومي لقضايا أمته. وترفعه بدبلوماسية عبقرية عن لغط السياسة والفرقة لتنتقل الجائزة تحت إدارته وفريق العمل من إنجاز لإنجاز لصالح المهنة والقائمين عليها كما أرادها راعيها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
كان جسرا بين جيلين بقدرته على قراءة المعاني العصرية في الأعمال الصحفية الشابة المشاركة في الجائزة. وحرص دوما على إبقاء بوصلة الجائزة متوازنة نحو الثوابت الوطنية والقيم الأصيلة لخدمة المجتمعات العربية دون أن يغفل عن دعم وتطوير الصحافة المحلية.
أحبه الكبير والصغير، وتعرفت من خلاله على البذرة الطيبة التي أنبتت دولة، واستسلمت أكثر من مرة لأحلام اليقظة أتخيّله على رأس وفد مطلع سبعينيات القرن الماضي إلى الأشقاء العرب يشرح فكرة قيام الاتحاد في وقت كان العرب ومازالوا الأشد حاجة إلى التعاضد.
لن أتمكن من سرد القصص الكاملة حول إجماع محيطه على حسن تربيته ليس لأبناء وطنه وأمته فقط، وانتقال طيب خصاله وثقافته وتعليمه وتواضعه لأبنائه وبناته؛ وبالأخص ابنته عهود الرومي أول وزيرة للسعادة في العالم، فيها كثير من رقي وحلم والدها.
أحزنتني تغريدة وزير الدولة الإماراتي أنور قرقاش التي نعى فيها على تويتر المربي الفاضل بقدر ما حركت وجداني تغريدته حول استشهاد أبناء الإمارات؛ فكلاهما أعطى عمره في خدمة وطنه، ولو لم تكن هذه خصال الجد وقيمه لما رأينا الحفيد حاملا روحه على كفه ليدافع عن وطنه وأمته...وداعا أبا فيصل.