رغم سنه المتقدمة يواصل الأخضر الإبراهيمي مهمته في جنيف بهدوئه الشديد وصبره وإصراره على الاستمرار رغم أن مهمته تبدو شبه مستحيلة، لكنه في هذه السن يتميز بشدة بنشاطه وحضور ذهنه المستمرين.

الدبلوماسي المخضرم الذي ساهم في صياغة حلول لأزمات دبلوماسية عديدة تجاوز الثمانين من العمر ولكنه وكما أثبت في محادثات جنيف وقبلها مازال قادرا على العمل والعطاء لساعات طويلة وبتركيز ونشاط قد لا يتوافران لدى شباب كثيرين.

وهناك في وفد المعارضة نجد مماثلا للإبراهيمي وهو المعارض القديم هيثم المالح، الذي تجاوز أيضا الثمانين من عمره ، والذي أدهشني عندما تبادلت أطراف الحديث معه منذ بضعة أيام بهذه الدرجة من اتقاد الذهن والنشاط والحماس إضافة إلى مشاركته في ساعات النقاش الطويلة وجدال المفاوضات بلا كلل ولا ملل.

أما أكبر أعضاء وفد الحكومة السورية سنا فهو وزير الخارجية وليد المعلم ، الدبلوماسي السوري أيضا لا يفقد نشاطه واتقاد ذهنه بل وأيضا يتمتع بروح مرحة وبديهة حاضرة يتوجه معظمها إلى من يسميهم "أعداء سوريا".

ورغم أن هناك شبابا في كلا الوفدين مثل ريما فليحان في المعارضة ولونا الشبل في الحكومة، لكن يبقى أن متوسط العمر في الوفدين مرتفع إلى حد ما، ربما لأن هذه المحادثات هي محادثات الخبرة والنفس الطويل والصبر على الخصم بغية انهاكه وإغراقه في مئات من التفاصيل بأمل تحقيق مكاسب محددة من وراء ذلك.

وربما كان الإبراهيمي قد عبر عن ذلك أصدق تعبير حينما قال "إن لدي أطنانا من الصبر"، كان هذا ردا على سؤال حول ضرورة التحلي بالصبر في مواجهة الاختلافات العميقة بين الطرفين.

وليس الإبراهيمي على ما يبدو الصبور الوحيد في هذه المفاوضات، أما من نفد صبره شبابا وشيوخا فهو الشعب السوري الذي يتواصل القتل في بلاده بشكل يومي.