رغم أن القول الدارج يقول إنه لا جديد تحت الشمس، فإن شمس باريس لم تشرق طوال الساعات التي أمضاها الصحفيون أمام وزارة الخارجية الفرنسية على ضفاف نهر السين، يتنسمون الأخبار عن أي تقدم ذي شأن، باتجاه حل الأزمة السورية، وانعقاد مؤتمر "جنيف 2"، فكان لزاما علي في هذه الحالة أن أستخدم تعبير "لا جديد تحت الظل" عنوانا لهذا المقال.
بالنسبة لي فهذا هو المؤتمر الثالث لمجموعة أصدقاء سوريا الذي أحضره في أحد البلدان الأوروبية، والاجتماعات الثلاثة كانت شبيهة للغاية ببعضها البعض سواء من حيث ما سبقها أو النتائج التي تمخضت عنها.
تعتيم كبير قبل بدء الاجتماع ومنع لحضور الصحفيين جلساته، ثم أخيرا مؤتمر صحفي يتحدث عن نقاط معروفة ومتفق عليها كالحديث عن حل سياسي وأن لا مستقبل للأسد في سوريا، ودعم للائتلاف الوطني باعتباره ممثلا للشعب السوري، هكذا كانت بيانات اجتماع روما في فبراير من العام الماضي، ثم لندن قبل بضعة أشهر، وأخيرا باريس، رغم أن الغرض منه كان الأعداد لمؤتمر "جنيف 2" الذي طال انتظاره باعتباره الحل الوحيد للأزمة السورية.
وحتى عندما اجتمع المخضرمان وزيرا خارجية أميركا وروسيا، جون كيري وسيرغي لافروف لحسم بعض القضايا في باريس أيضا، لم ينجحا في حسم العقبة الكئود، وهي هل تشارك إيران وما هو دورها في المؤتمر.
لكن لا يمكن أن نصف اجتماعات كيري ولافروف بالفشل التام، فهما اتفقا على الأقل على السعي لوقف إطلاق النار وفتح الممرات الإنسانية وإعداد قوائم للأسرى من أجل الإفراج عنهم.
أما الأهم وقد بقيت أيام قلائل على موعد انعقاد المؤتمر، فهو هل يطبق أي من هذه النقاط خاصة وأن الكثير من الفصائل المسلحة على الأرض، أعلنت أن الائتلاف لا يمثلها، وأنها ترفض "جنيف 2" جملة وتفصيلا باعتباره نكوصا عن أهداف الثورة.
وعلى أي حال فإن المزاج العام لدى المجتمعين في باريس يتجه نحو انعقاد "جنيف 2" في موعده، بصرف النظر عن الظروف أو حتى النتائج، وهو ربما ما لخصه جون كيري حين قال إنه واثق شخصيا من مشاركة المعارضة.
لكن محمد عجلاني أستاذ العلوم السياسية في باريس قال لـ"سكاي نيوز عربية" إن انعقاد المؤتمر في حد ذاته لا يعني شيئا، خاصة مع غياب أجندة واضحة له، ومع عدم تمتع المشاركين من حكومة ومعارضة بأي صلاحيات لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه.
لكن المعارضة مازالت متخوفة وقلقه حتى بعيد اجتماعها مع لافروف، الذي قال إن بلاده تدعم الشعب السوري، وتطلعاته فقد صرح المتحدث باسم الائتلاف لؤي الصافي لـ"سكاي نيوز عربية" أن روسيا مازالت ترى الشعب السوري من خلال النظام ومازالت تواصل تأييدها المطلق له.
على أي حال هي أيام قليلة بيننا وبين "جنيف 2"، وقريبا ستتحول الأنظار إلى مونترو السويسرية بحثا عن نتائج اجتماع قال ساسة العالم عشرات المرات إنه الحل الوحيد للأزمة السورية.