{1}.. صيف 1990

أندرو هول، رئيس شركة فيبرو – أكبر شركة تمتلك مصافي لتكرير النفط في الولايات المتحدة في ذلك الوقت– كان يتابع باهتمام التطورات والتصريحات، التي سبقت احتلال العراق للكويت.

كان هول يراهن على احتمال إقدام العراق على هذه الخطوة.

وبالفعل أصدر أوامره بدافع من الحدس وروح المغامرة إلى مساعديه، بتخزين كميات ضخمة من النفط الخام الرخيص، في الناقلات البحرية العملاقة.

فكرة تخزين النفط الخام، في عرض البحر عندما تكون أسعاره متدنية بهدف المتاجرة، لم تكن مطروحة آنذاك، رغم سهولتها.

هول كان يبحث عن طريقة للاستفادة من أسعار النفط الرخيصة، وهنا جاءت الفكرة بتحميل النفط الخام في الناقلات، وبيعه بسعر أعلى عند التسليم في سوق العقود الآجلة.. هكذا وبكل بساطة!

2 أغسطس 1990

الدبابات العراقية تدخل الأراضي الكويتية..

زلزال في وول ستريت، أسعار النفط تقفز 10% دفعة واحدة، في اليوم الأول من الغزو..

ثم يتضاعف سعر برميل النفط من 15 دولارا قبل الغزو في يونيو إلى 41 دولارا في أكتوبر بعد الغزو.

تقول صحيفة نيويورك تايمز، إن شركة فيبرو حققت أرباحا بـ 300 مليون دولار في ذلك الوقت، أي ما يعادل 600 مليون دولار بأسعار 2020.

ويدخل أندرو هول التاريخ، كأحد أهم أساتذة المتاجرة في أسواق النفط على مر التاريخ.

{2}.. عام 2020

وباء كورونا يتسبب في توقف الأنشطة الاقتصادية وحركة التجارة، بسبب الإغلاق العام وحظر التجول العالمي.

وتتعطل خدمات النقل والمواصلات، وتخلو المطارات من الركاب، مما يهبط بأسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة.

وذلك لأن وسائل النقل والسيارات والطائرات، تستحوذ على 60% من الطلب اليومي على النفط.

ما حدث كان عبارة عن صدمة في الطلب والعرض في الوقت نفسه، حيث الوفرة في المعروض والضعف الحاد في الطلب، تسببا في نقص المساحات المتاحة لتخزين النفط.

الاثنين 20 أبريل 2020

يوم فرض نفسه على كتب التاريخ، في قطاع صناعة النفط العالمية، وفي تاريخ البورصة الأميركية..

سعر خام تكساس يهبط إلى المناطق السالبة للمرة الأولى في التاريخ...!

حدث نادر، لكنه تحقق...!

ورطة وقع فيها المضاربون في وول ستريت، قبل يوم من المهلة المحددة لتسوية عقود التداول على النفط.

لا أماكن متاحة للتخزين...!

مما اضطر المضاربين إلى دفع أموال إضافية، للتخلص من عقود شراء النفط، وصلت إلى  40 دولارا لكل برميل، حتى يستطيعوا التخلص من هذه العقود.. وهذا يعني أن السعر أصبح بالسالب.

{3}.. الصفقات الرابحة

الملياردير الأميركي كارل إيكان، أحد أشهر المستثمرين في وول ستريت، كان يراقب الوضع في أسواق النفط.

ومن المنطلق نفسه، أدرك إيكان أنها فرصة نادرة ولن تعوض..

وهنا تلعب الصدفة دورها، فشركة {CVR Energy} التي يمتلك فيها إيكان حصة مسيطرة، لديها مساحة كافية للتخزين..

والشركة تعمل في مجال تكرير النفط الخام  وتحويله إلى وقود، وتحتاج باستمرار إلى ملء خزانتها، التي تتسع لأكثر من 6 ملايين برميل.

وعندما انهارت أسعار خام النفط الأميركي تحت الصفر، أمر إيكان الشركة بشراء ما بين مليون ومليوني برميل...!

إيكان لم يكن وحده، فبحسب تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ في مايو، أشار فيه إلى شراء إحدى الشركات التي تتاجر بالنفط {BB Energy}  نحو 250 ألف برميل.

{4}.. من اشترى عقود النفط تسليم مايو لـنحو 2.5 مليون برميل؟

2.5 مليون برميل حجم النفط الخام، ضمن عقود خام تكساس التي سُلمت خلال مايو، بحسب بلومبيرغ.

رغم ذلك لم يتم الإفصاح عن الأسعار التي تمت بها هذه التسليمات، أو بالأحرى الأسعار التي تم شراء النفط الأميركي بها، عندما كانت في المستويات السالبة...!

لكن المؤكد أن هناك ثروات ضخمة تحققت..

باتخاذ القرار المناسب، في الوقت المناسب، مع قليل من الحظ...!