مع مرور 99 عاما على مذبحة الأرمن، يستذكر العالم، الخميس، المجازر التي تعرض لها هذا الشعب في ظل السلطنة العثمانية، غداة بادرة غير مسبوقة من تركيا التي وجهت تعازيها إلى أحفاد ضحايا تلك المأساة التي لم تعترف بها كإبادة.
فقد أقر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بأن "معاناة الأرمن ناجمة عن أحداث كان لها آثار غير إنسانية مثل الترحيل خلال الحرب العالمية الأولى".
لكنه لم يلفظ كلمة "إبادة" التي تنفي تركيا التي قامت على أنقاض الامبراطورية العثمانية في 1923 حدوثها بشكل قاطع.
"الجريمة الكبرى"
مذابح الأرمن تعرف باسم "المحرقة الأرمنية" و"المذبحة الأرمنية" أو الجريمة الكبرى، تشير إلى القتل المتعمد والمنهجي للسكان الأرمن من قبل الامبراطورية العثمانية خلال وبعد الحرب العالمية الأولى، وقد تم تنفيذ ذلك من خلال المجازر وعمليات الترحيل، والترحيل القسري وهي عبارة عن مسيرات في ظل ظروف قاسية أدت إلى وفاة المبعدين.
فبحسب تقييمات بعض المؤرخين فإن "الإبادة المنتظمة للأرمن بدأت في نهاية القرن التاسع عشر، إذ يدور الحديث عن القتل الجماعي الذي وضع أساسه في أعوام 1894-1895 بغية تقليص عدد الأرمن في تركيا والقضاء عليهم قضاء تاما في المستقبل".
ويعتبر 24 أبريل عام 1915 رسميا بداية لإبادة الأرمن الجماعية، إذ استمر القتل الجماعي في فترة حكم مصطفى كمال أتاتورك، حتى عام 1922، حين دخلت القوات التركية مدينة إزمير في سبتمبر عام 1922.
ورافقت عملية الاستيلاء على المدينة مجزرة السكان من الأرمن واليونايين، فحرقت الأحياء الأوروبية للمدينة تماما، واستمرت المجزرة 7 أيام، وتسببت في مقتل نحو 100 ألف شخص.
ويتفق معظم المؤرخين على أن عدد القتلى من الأرمن تجاوز المليون، غير أن الحكومة التركية وبعض المؤرخين الأتراك يشيرون إلى مقتل 300.000 أرمني فقط، بينما تشير مصادر أرمنية إلى سقوط أكثر من مليون ونصف أرمني بالإضافة إلى مئات الآلاف من الآشوريين والسريان والكلدان واليونان البنطيين.
وعندما دخل الإنجليز إلى إسطنبول في 13 نوفمبر عام 1919، أثاروا المسألة الأرمنية وقبضوا على عدد من القادة الأتراك لمحاكمتهم غير أن معظم المتهمين هربوا أو اختفوا فحكم عليهم بالإعدام غيابيا، ولم يتم إعدام سوى حاكم مدينة يوزغت الذي أباد مئات الأرمن.
وبسبب هذه المذابح هاجر الأرمن إلى العديد من دول العالم لاسيما سوريا ولبنان ومصر والعراق، وبات 24 أبريل من كل عام مناسبة لتذكر ما حدث لهم والتنكيل بهم.
وردا على استمرار إنكار الإبادة الجماعية للأرمن من قبل الدولة التركية، قام العديد من الناشطين في مجتمعات الشتات بحملات من أجل الاعتراف الرسمي بتلك الإبادة الجماعية من مختلف الحكومات في جميع أنحاء العالم.
الاعتراف الدولي
واعترفت 20 دولة و42 ولاية أميركية رسميا بوقوع المجازر كحدث تاريخي، وفي 4 مارس 2010، صوتت لجنة من الكونغرس الأميركي بفارق ضئيل بأن الحادث كان في الواقع "إبادة جماعية"، إلا أنه في غضون دقائق أصدرت الحكومة التركية بيانا تنتقد "هذا القرار الذي يتهم الأمة التركية بجريمة لم ترتكبها".
وتعترف بعض المنظمات الدولية رسميا بـ"الإبادة الأرمنية" مثل الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي ومجلس أوروبا ومجلس الكنائس العالمي ومنظمة حقوق الإنسان وجمعية حقوق الإنسان التركية.
من جانبها، تصر تركيا على أن سبب وفاة الأرمن هي ظروف الحرب والتهجير، وتم تمرير الفقرة 301 في القانون التركي في عام 2005 يجرم فيه الاعتراف بالمذابح في تركيا.
يذكر أن هناك أكثر من 135 نصب تذكاري، موزعة على 25 بلدا، تخليدا لذكرى "الإبادة الجماعية" للأرمن.