للسلطة التنفيذية دور أساسي في النظام الرئاسي في الولايات المتحدة الأميركية الذي نص عليه أول دستور للبلاد عام 1787 بعد 11 عاما على إعلان المستعمرات الثلاث عشرة استقلالها عن بريطانيا.
وعلى عكس النظام البرلماني في بريطانيا الذي ظهر في مطلع القرن الثامن عشر بعد مسار تاريخي طويل تميز بأفول السلطة الملكية وتصاعد السلطة التمثيلية والتشريعية، فإن النظام الرئاسي في أميركا استند على وجه الخصوص إلى مبدأ فصل السطات الذي بشر به فلاسفة عصر التنوير في أوروبا، لا سيما مونتسكيو في كتابه "روح الشرائع" وجان جاك روسو في "العقد الاجتماعي".
ويشدد الدستور الأميركي الذي وضعه "آباء الدستور" في أميركا جيمس ماديسون وألكسندر هاميلتون وجورج واشنطن عام 1787، ودخل عام 1789 حيز التطبيق، على توازن السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، والفصل الحاد بين هذه السطات.
وبموجب الدستور، يقوم النظام الرئاسي الأميركي على وجود 3 سلطات مستقلة وقوية، ويقضي بتوزيع الوظائف الأساسية من تشريع وإدارة وقضاء بين أجهزة تتمتع بكيانات خاصة.
ويمنع النظام الرئاسي أي جهاز من التدخل في الوظيفة الخاصة للجهاز الآخر، فلا يحق للرئيس حل البرلمان والمشاركة بشكل مباشر في العمل التشريعي، كما لا يحق للسلطة التشريعية التدخل في العمل التنفيذي أو سحب الثقة من الرئيس.
وتتمثل السلطة التشريعية في الكونغرس الأميركي الذي يتألف من مجلس النواب الذي يمثل الشعب الأميركي، ومجلس الشيوخ الذي يمثل الولايات المنضوية تحت لواء الاتحاد.
أما السلطة القضائية فتتولاها المحكمة العليا التي تتألف من 9 قضاة يعينون من قبل رئيس الجمهورية مدى الحياة بعد موافقة مجلس الشيوخ، ما يعطيهم استقلالية كاملة في مواجهة السلطة السياسية.
في المقابل، تتميز السلطة التفيذية في النظام الأميركي الرئاسي بـ"أحادية الرأس" إذ تنحصر صلاحياتها في شخص رئيس الجمهورية الذي ينتخب على مرحلتين، فهو ينتخب في المرحلة الأولى من قبل الشعب الأميركي ثم من قبل الناخبين الرئاسيين الذين يتنخبون الرئيس بدورهم في المرحلة الثانية.
ويمارس الرئيس الدور الأساسي في سير العملية السياسية في الولايات المتحدة، حيث يمتاز النظام الرئاسي بعدم وجود ثنائية في السلطة التنفيذية بسبب تمركز السلطة في يد رئيس الدولة.
وتحتم المهام الواسعة الملقاة على عاتق الرئيس، استعانته بعدد كبير من المسشارين والمعاونين، بالإضافة إلى نائب الرئيس الذي يختاره الرئيس انطلاقا من عدد الأصوات التي يمكن أن يجنيها خلال العملية الانتخابية، ولا يملك صلاحيات دستورية خاصة.
وفي ظل عدم وجود حكومة بالمعنى المؤسساتي أو البرلماني، فإن الدستور يعهد بالسلطة التفيذية حصرا إلى الرئيس الذي يختار سكرتيري الدولة بهدف معاونته على إدارة الدولة الفدارلية أي الاتحادية، ويطلق على هؤلاء تجاوزا لقب وزراء.
وتجدر الإشارة إلى أن سكرتيري الدولة لا ينضوون في إطار مؤسسة مجلس الوزراء كما هي الحال في النظم البرلمانية، فهم مجرد معاونين للرئيس، لا يملكون أي سلطة للقرار السياسي، وتنحصر مهامهم في تنفيذ سياسة الرئيس في الميادين الموكلة لهم.
ولا يقيد الدستور الأميركي عملية اختيار الرئيس لـ"وزرائه"، فهو يختارهم بكل حرية إما من القطاع الخاص أو من بين موظفي الدولة أو حتى حكام الولايات، إلا أن تعيين "الوزراء" يجب أن يقترن بموافقة مجلس الشيوخ الذي نادرا ما يعترض على خيارات الرئيس.
وفي حين يحدد الدستور قسما من الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها الرئيس، اكتسب الأخير صلاحيات أخرى لا ينص عليها الدستور بسبب تطور المجتمع الأميركي ودور أميركا في السياسة الدولية فضلا عن اجتهادات المحكمة العليا.
ومن أبرز صلاحياته الدستورية بالإضافة إلى سلطته التفيذية، يتولى الرئيس منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو يدير السياسة الخارجية لبلاده، ويرأس الإدارة الفدرالية.
أما عن أهم الصلاحيات المكتسبة، فقد صار الرئيس الأميركي بعد الأزمة الاقتصادية الكبرى عام 1929 هو من يرسم السياسة الاقتصادية التي تهدف إلى بقاء الاقتصاد معافى في بلاده، كما أن للرئيس دورا متزايدا على صعيد السياسة الاجتماعية، خوله زيادة صلاحيات الدولة الفدرالية على حساب الولايات.