هل تشق عصى المال طريقا معبدة في بحر السياسة؟ سؤال ربما طرحه المرشح لرئاسة الولايات المتحدة عن الحزب الجمهوري مت رومني على نفسه مرار وتكرارا، وربما ظفر بإجابته، لكن وحدها صناديق الاقتراع في يوم الحسم المنتظر من ستقول لرومني ولغيره، هل كان يمتلك هذا الأخير الحقيقة أو نصفها أو ربما غابت عنه كليا.
هو ويلارد مت رومني، رجل أعمال وسياسي أميركي، كان حاكم ولاية ماساشوستس رقم 70 من عام 2003 إلى 2007، هو مرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات الأميركية 2012 أمام الرئيس الديمقراطي باراك أوباما.
كوّن رومني ثروة طائلة بسبب شركة باين كابتال تقدّر بين 190 مليون و250 مليون دولار لغاية أغسطس 2011 حسب موقع "ذي ريتشست".
كان عضوا في مجالس إدارة شركات ماريوت (1993 - 2002)، وسبورتس أوثوريتي (1995 - 1999)، وستابلز (1986 - 2001).
نظّم رومني الألعاب الأولمبية الشتوية عام 2002 في سولت لايك سيتي كرئيس ومدير تنفيذي، وساعد على حل المشكلة المالية آنذاك. وانتخب رومني حاكم ماساتشوستس عام 2003.
وقد عمل على تخفيض الصرف وزيادة الأجور، وأزال عجزا متوقعا بحوالي 1.5 مليار دولار، ووقع أيضا على قانون إصلاح ماساتشوستس للاهتمام بالرعاية الصحية عن طريق الإعانات المالية.
وترشح رومني للانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الجمهوري في 2008 ولكنه خسر أمام جون ماكين.
وفي 2 يونيو 2011 أعلن رومني أنه يريد الترشح للانتخابات الرئاسية الأميركية 2012 عن الحزب الجمهوري.
وقد خاض هذه التجربة الانتخابية من خلال تخصيص نحو 950 مليون دولار لحملته الانتخابية.
ويخوض رومني ومنافسه الرئيس أوباما واحدة من أشرس المنافسات الرئاسية في التاريخ الحديث، وقد أوضحت نتائج استطلاعات للرأي اشتداد المنافسة بينهما.
ويعتقد مسؤولو الحملة الانتخابية للجمهوريين أنهم في وضع جيد يمكنهم من التغلب على أوباما في انتخابات الرئاسة المقررة في 6 نوفمبر.
فاستطلاعات الأسبوع الأخير من أغسطس الماضي تظهر تقدم أوباما بنقطة وحيدة على منافسه مت رومني أي بنسبة 46.7 % مقابل 45.7 %.
وتحظى شعبية رومني بالبروز في الريف الأميركي، حيث يمنحه الناخبون ما نسبته 69 % من الأصوات، فيما يسيطر أوباما على التجمعات الحضرية بما نسبته 63% من الأصوات.
أما عند الفئات العمرية فإن أوباما يتمتع بشعبية واسعة لدى الأميركيين الأقل من خمسين عاما بنسبة 59 % بفارق 18 نقطة على رومني، فيما يفضل المتقاعدون ممن تتجاوز أعمارهم الخامسة والستين عاما مت رومني بنسبة تصل إلى 54% مقابل 45% لأوباما.
وقد اتهم أوباما رومني بأنه يريد دعم الأغنياء وأن برنامجه ليس إلا "التثبت من أن الأكثر ثراء يمكنهم خوض اللعبة بقوانين مختلفة".
وقد سجل الموقف الأقوى لرومني في المناظرات بينه وبين أوباما حينما انتقد الاقتصاد في عهد أوباما معتبرا أن الرئيس أخفق في خلق وظائف بالسرعة المطلوبة، وفي الحد من العجز في الميزانية.
وفي هذا الإطار جاء على لسانه: "انتقلنا من دين وطني قدره 10 آلاف مليار دولار إلى آخر قدره 16 ألف مليار دولار، وإذا أعيد انتخاب الرئيس فسوف يصل الدين الوطني إلى نحو 20 ألف مليار دولار"، مضيفا "هذا ما يضعنا على طريق شبيهة بطريق اليونان".
وقد جاءت أجندة رومني موزعة بين مشاغل الداخل وملفات الخارج، فبالنسبة لمسألة العنف في شوارع أميركا، ذكر رومنى أنه سيعمل على تقليل حدته، ملوحا بضرورة سن تشريعات تضع حدا للعنف في البلاد.
وبالنسبة لملف البطالة أكد رومني أن مستواها في الولايات المتحدة لم يتغير خلال الـ4 سنوات من حكم أوباما، مشددا على أن سياسته أخفقت في خلق وظائف جديدة.
وقد اتهم رومني أوباما بأنه أخفق في الوفاء بوعوده، وأن 23 مليون أميركي يائسون من العثور على الوظائف، وأن سياسة أوباما الاقتصادية "فاشلة".
ولم يهمل رومني مجال الضرائب، حيث وعد أنه سيخفض الضرائب على الطبقة الوسطى، وأنه سيحد من الخصومات التي يتمتع بها الأغنياء.
وحول هجرة الشركات الأميركية إلى الصين بحثا عن الأيدي العاملة الرخيصة والربح، أبدى رومني توجسه من احتلال الصين مكانة الولايات المتحدة كأكبر دولة مصنعة في العالم، منوها إلى أن الصين لا تلتزم بالقوانين وتقوم بتخفيض عملتها، وهي تلحق ضررا كبيرا بالاقتصاد الأميركي، وقال إنه سيقف بحزم أمام الصين.
واعتبر رومني أن الولايات المتحدة تفتقر للاستراتيجية في مواجهة ما وصفه بالإسلام المتشدد الذي تجلى في مناسبات عدة منذ بداية "الربيع العربي"، وتطرق خصوصا إلى الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي الليبية ومقتل السفير الأميركي.
وقد بدا منهج رومني إزاء الملف الإيراني أكثر تحاملا، حيث اعتبر أن "الضغط الأميركي غير كاف على إيران وأن أميركا ضعيفة. وقد لاحظوا صمتنا في مسائل كثيرة"، مضيفا: "كان يجب فرض عقوبات قاسية منذ البداية".
كما أخذ رومني على أوباما عدم اتخاذه مواقف مساندة للتظاهرات المعارضة للنظام في إيران عام 2009.
وقد بدا رأى رومني أيضا أكثر اختلاف بالنسبة للملف السوري، حيث أكد على ضرورة تسليح المعارضة ومساعدتهم في إزاحة الرئيس بشار الأسد من السلطة، منتقدا ما سماه "صمت أوباما" عما يحدث هناك.
وقال رومني من جانبه إن على بلاده أن تعمل على مساعدة "دول الربيع العربي"، والتأكيد على تمكين المرأة وحماية الأقليات ونبذ التطرف الديني.
وقد لخص رومني موقفه من أوباما بعبارات مهمة منها: "أوباما متحدث جيد لكنه ليس إصلاحيا"، فيما رد أوباما "رومني ليس الرئيس الذي تحتاجه أميركا".