مع الساعات الأولى للمحاولات الانقلابية التي شهدتها النيجر، الأربعاء، تصاعدت تكهنات بدور لروسيا فيها؛ كون نيامي هي أحد حلفاء باريس في دول الساحل والصحراء بوسط وغرب إفريقيا.
واختلف عدد من الباحثين المتخصصين في شؤون منطقة الساحل والصحراء مع هذه التكهنات، وأوردوا في تحليلاتهم لموقع "سكاي نيوز عربية" ما يستندون عليه في ذلك، في ظل الموقع الجغرافي الحيوي جدا للنيجر بالنسبة لموسكو وباريس.
والنيجر، هي الدول الشريكة الأولى الآن لفرنسا في منطقة الساحل والصحراء، بعد أن خروج القوات الفرنسية مضطرة من مالي وتراجعها في بوركينا فاسو وجمهورية إفريقيا الوسطى، وهي بلاد صارت وثيقة العلاقات مع روسيا.
ويقود النيجر الرئيس محمد بازوم، الذي يتولى السلطة منذ أبريل 2021، ولكنه يواجه اليوم تمردا يهدد بقائه في السلطة، متهم فيه عناصر من الحرس الرئاسي.
النيجير والصراع الروسي الفرنسي
يرجح مدير مركز رصد الصراعات في الساحل الأفريقي، محمد علي كيلاني، أن يؤثر أي تغيير للحكم في النيجر على صراع النفوذ القائم بين فرنسا (حليفة النيجر) وبين روسيا التي تتمدد محل باريس في مالي وبوركينافاسو المجاورتين للنيجر، كما تحالفت مع الجارة الجزائر.
ونقلت فرنسا قواتها التي اضطرت للانسحاب من مالي عام 2022، إلى النيجر، بعد توجه المجلس العسكري الحاكم بشكل انتقالي في مالي للتحالف مع روسيا، ووافقت حكومة نيامي على ذلك "للاستفادة من الخبرات الفرنسية" في التدريب العسكري ومكافحة الإرهاب.
ومن جانبه، لم يستبعد المحلل السياسي أبو بكر عبد السلام، وجود دور روسي في محاولة الانقلاب الواقعة في نيامي، في ظل تصاعد الصراع الروسي الفرنسي في منطقة الساحل.
ويقول إن هناك إشارات بأن هناك أيادي روسية في ما يجري، لكن حتى الآن الجميع ينتظر ما سوف تسفر عنه الأوضاع خلال الـ 24 ساعة القادمة.
صراع نفوذ داخلي
لكن المحلل السياسي النيجري، إدريس آيات، يستبعد سقوط النيجر تحت نفوذ روسيا، معتبرا أن ما يُقال حول وجود طرف موال لفرنسا وآخر متمرد هو "تحليل غير دقيق".
ويستشهد على رأيه بأن:
- النيجر دولة تحت نفوذ فرنسا، ولباريس 4 قواعد عسكرية فيها، كذلك تتواجد الولايات المتحدة بقاعدة، وتعتبر مركز قوات حلف الناتو في الساحل، فلن يفرطوا فيها.
- أما ما يجري في نيامي فهو صراع نفوذ داخلي، بين الرئيس السابق محمد إيسوفو، والرئيس الحالي محمد بازوم، وفيما يبدو أن بازوم حاول تقليص نفوذ إيسوفو بإقالة عناصر موالين له، وما يحدث رسالة إلى بازوم.
- بازوم هو وزير الداخلية السابق، والذراع اليمنى للرئيس السابق إيسوفو، فإن وصلت الرسالة وفهمها بازوم سنسمع عن تسويات داخل النظام، وترجع البلاد إلى مسارها.
- لكن إن عاند بازوم وحلفاؤه؛ فغالبا ستقوم عناصر النظام السابق بتقديم تطمينات لفرنسا وأميركا، ثم تحدث تفاهمات في حزب التجمع الوطني الديمقراطي الحاكم لتهيئة خلف بازوم؛ لأن جميع المعاقل السياسية للحزب موالية لإيسوفو.
- وبازوم ( 63عاما) المنتخب رئيسا في 21 فبراير 2021 بـ 55 بالمئة من الأصوات تسلم السلطة في عملية انتقال سلمي بينه وبين إيسوفو، هي الأولى من نوعها في بلد اتسم تاريخه حافل بالانقلابات.
فرنسا و"صمود" النيجر
يؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة باماكو، محمد أغ إسماعيل، على أهمية النيجر بالنسبة لفرنسا، لدرجة يصعب معها أن تتركها غنيمة لروسيا.
ويقول في هذا، إن فرنسا ترى ضرورة حماية "صمود النيجر"؛ لأن الاستقرار هناك يساعد الجيش الفرنسي في مهمته في دول الساحل والصحراء، كما أن موقعها الجغرافي يساعد في مكافحة الهجرة غير الشرعية من دول جنوب الصحراء إلى شواطئ أوروبا، وفي مراقبة الحدود مع ليبيا، مصدر تسليح الجماعات الإرهابية.
وتعمل الوكالة الفرنسية للتنمية على زيادة استثماراتها في النيجر من 100 مليون يورو إلى 150 مليون يورو كقروض ومنح.
وسارعت باريس لإدانة ما جرى الأربعاء في النيجر، وقالت على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية في بيان إن "فرنسا قلقة للاحداث الراهنة في النيجر وتتابع بانتباه تطور الوضع".