تباينت حالة القلق بين يهود إيران من ردة فعل الحكومة حال تنفيذ إسرائيل لتهديداتها العسكرية لتقويض البرنامج النووي الإيراني.
وقال كمال بنحاسي مدير صحيفة "شهياد" الإسرائيلية الوحيدة الناطقة بالفارسية إن الحكومة الإيرانية "غير مستقرة ولا يمكن التنبؤ بتصرفاتها، إذا اندلعت حرب، لا يمكنك توقع ردة فعل المجتمع".
ويخشى بنحاسي من أنه حتى وإن لم تهاجم الحكومة الإيرانية اليهود بشكل مباشر، فقد تغض الشرطة الطرف عن أي هجمات قد يشنها مواطنون إيرانيون غاضبون على الجالية ردا على هجوم إسرائيل.
وأنصف التاريخ إيران وسجل لها معاملة الأقلية اليهودية التي تعيش في كنفها بشكل جيد إلى حد كبير، إلا أن بعض يهود إيران الذين هاجروا إلى إسرائيل يخشون من أن يعرض هجوم كهذا أسرهم وأصدقائهم في إيران لهجمات ثأرية.
وأوضح سياماك ميريه صدق النائب اليهودي الحالي في البرلمان الإيراني، للأسوشيتد برس إن يهود إيران سيواجهوا أي معتد يجرؤ على مهاجمة البلاد مهما كان مثل باقي الشعب.
وذكرت الأسوشيتدبرس أن يهود إيران يعلنون دائما موقفا مؤيدا لنظام يمنحهم موقف أقلية تشملها الدولة بالرعاية والحماية، وتضمن لهم مقعدا في البرلمان، رغم أن بعض الوظائف الحكومية والعسكرية محظورة عليهم.
وتبرز الأزمة المتفاقمة الوضع غير المستقر الذي يعيشه يهود إيران ثالث أكبر مجتمع يهودي في الشرق الأوسط بعد إسرائيل وتركيا.
ويعتقد أن تعداد يهود إيران يناهز 25 ألف شخص، بعد أكبر موجتي هجرة أعقبتا إعلان قيام إسرائيل عام 1948 والثورة الإسلامية في إيران عام 1979 .
وذكر ميت لتواك الخبير في الشأن الإيراني بجامعة تل أبيب أن مسألة مهاجمة الحكومة الإيرانية للجالية اليهودية على أراضيها أمر مستبعد، مضيفا أن النظام الإيراني مضطر لمعاملة اليهود معاملة طيبة، ليثبت أن بمقدورهم الحياة في كنف نظام إسلامي كأقلية تحظى بالرعاية والحماية، ومن ثم فلا سند قانوني أو أخلاقي لقيام دولة يهودية.
وتشير إسرائيل من جانبها إلى أن تسلح إيران نوويا يعني تهديدا حقيقيا لوجود الدولة اليهودية، وإشعال فتيل سباق تسلح نووي في منطقة تناهض في الأساس وجود إسرائيل.
ولم يأل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أثناء زيارته الأسبوع الماضي للولايات المتحدة، جهدا في تأكيد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها عسكريا ضد التهديد النووي الإيراني.
وأكد المسؤولون الإسرائيليون أن تواجد يهود في إيران لن يؤثر على قرار إسرائيل بشأن الضربة.
ويعتقد كثير من المراقبين أن إيران سترد على الهجوم العسكري الإسرائيلي بإطلاق نيران ترسانتها الصاروخية الهائلة القادرة على ضرب إسرائيل، أو دفع حلفائها في لبنان وغزة لضرب إسرائيل بصواريخ قصيرة المدى، أو حتى ضرب أهدافا يهودية أو إسرائيلية في بلدان أخرى.
وفي بادرة احترام وتقدير للجالية اليهودية، أمر المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي بوضع لوحة على ضريح النبي دانيال- وهو ضريح ومزار معروف ليهود إيران - كتب عليها " هذا قبر نبي الله دانيال الحكيم مرشد المؤمنين عبر الصعاب إلى طريق الله".
غير أن أي هجوم صريح من قبل إسرائيل ضد إيران سيكون سابقة من نوعها وقد يضع سياسة الحكومة الإيرانية تلك تجاه الجالية اليهودية على محك حقيقي.
يذكر أن ما يقدر بنحو ربع مليون يهودي من أصل إيراني يعيشون في إسرائيل، بينهم الرئيس السابق والذي حكم عليه بالسجن مؤخرا موشيه كاتساف، والقائد العسكري السابق والنائب الحالي في الكنيست شاؤول موفاز وواحدة من أكثر مطربات إسرائيل شهرة هي ريتا، التي أطلقت مؤخرا ألبوما غنائيا بالفارسية.
والمهاجرون الإيرانيون في إسرائيل يحافظون على صلاتهم بالمجتمع اليهودي في إيران عبر الإنترنت والهاتف، بل إن بعض يهود إيران يأتون للزيارة، يسافرون عبر ثلاثة دول رغم أن تلك الرحلات والزيارات تراجعت بشكل كبير مذ تولى محمود أحمدي نجاد الحكم عام 2005 ، بعد أن دعا إلى محو إسرائيل من خريطة العالم.