"حبل الغسيل الوطني" معرض لفنان فلسطيني يصور بمزيج من الفكاهة والفن والأمل "الغسيل القذر للديكتاتوريات التي أزاحتها ثورات الربيع العربي".
"الفنان شادي الزقزوق اختار هذا الإسم رمزا لما اعتبره "الغسيل القذر للأنظمة الذي تم نشره في بلدان الربيع العربي" كما تقول لسكاي نيوز عربية صوسي ديكيجيان، المديرة الفنية لصالة عرض أرت سبيس بدبي.
نساء ذات ملامح أوروبية يخفين وجوههن وراء "الحطة" أو الكوفية الفلسطينية بينما يغسلن وينشرن ملابس داخلية كتب عليها بالعربية شعارات حركات الربيع العربي "إرحل" ومرادفها "قوطر" باللهجة الأردنية والفلسطينية و "دولوي" بالروسية أي "فليسقط".
"يعيش الفنان في إحدى ضواحي باريس، حيث تقطن جاليات عربية فقيرة، وحيث يختلط بمهاجرين بظروف معيشية صعبة. والمباني التي نراها في خلفية الرسم هي المنطقة التي يسكن بها"، حسب ديكيجيان.
شادي الزقزوق ولد في مدينة بنغازي الليبية عام 1981، محروم من الوطن ومن جواز السفر. شب الفنان وسط الجالية الفلسطينية في ليبيا قبل أن يقرر الرئيس الراحل معمر القذافي طرد عائلته وباقي مواطنيه من ليبيا بعد توقيع اتفاقية أوسلو للسلام بين الزعيم ياسر عرفات وإسرائيل في 1993.
وقتها عاش فلسطينيو ليبيا شتاتا آخر، وعرفوا الخيام مرة أخرى، بعدما تركوا في المنطقة الفاصلة بين حدود مصر وليبيا ليعيشوا في الصحراء القاحلة سنوات عدة.
تظهر هذه الحقبة من حياته في التكوين المسمى "لقد كنت أسدا أنا أيضا" وهو مكون من جزءين. الجزء الأول فيه مجسم لكفين أسودين يخرجان من لوحة من الدانتيلا السوداء على خلفية بيضاء، وتقذف على الأرض أطرا مذهبة ذات أحجام مختلفة، يحتوى كل منها على جزء من وجه القذافي، وهي تكون الجزء الثاني.
"لقد جسم الزقزوق كفي والدته في هذا التكوين وكأنها هي التي تلقي بالرئيس الراحل وذكراه بعد أن عانت منه".
عندما بلغ الخامسة عشرة من عمره، تمكن الزقزوق وعائلته من الهرب من الصحراء والعودة إلى موطنه غزة قبل أن يستقر بعدها بقليل في باريس حيث لا يزال يقطن الأن.
ولم يتمكن الفنان من حضور حفل افتتاح معرضه، الذي يستمر حتى 28 أكتوبر، بسبب عدم استكمال إجراءات روتينية من جانب الجهات الفرنسية.
وتظهر والدته في لوحة أخرى وهي تراقص والده المبتسم في بؤرة الضوء بوسط اللوحة، بينما تظهر في الخلفية القاتمة صفوف من أفراد قوات مكافحة الشغب ببزاتهم وخوذاتهم السوداء، حاملين العصي والدروع، وأطلق عليها اسم "ثورة بدون رقص هي ثورة لا تستحق القيام بها".
"الزقزوق فنان غرافيتي بالأساس، يرسم على الجدران، وهو فن يزدهر في الليل هربا من الشرطة التي تلاحق هؤلاء الفنانين وتعتبر أنهم يتعدون على الملكية العامة، بينما يحبها الشعب ويرى فيها لمسة جمالية عالية"، حسب ديكيجيان.
"وينعكس نمط هذه الحياة الليلية في لوحاته، فنرى الخلفيات كلها داكنة والإضاءة فيها اصطناعية نابعة من مصابيح وليس من ضوء النهار".
الرسائل الكتابية التي يزخر بها فن الرسم على الجدران تنتشر ايضا في لوحات الزقزوق فلا تخلو لوحة من كلمة أو جملة سواء طالت أو قصرت.
على أحد الرسومات لشخص يتوارى وراء قناع بطل فيلم "فانديتا" الذي انتشر ارتداءه أثناء الثورات العربية، كتب الزقزوق مقولة رسام الكاريكاتير الفلسطيني الشهير ناجي العلي "بشرفي لأحلق شواربي إذا هي الأنظمة حررت شبر من القدس".
فلسطين حاضرة في كل لوحة بشكل أو بأخر.
حنظلة، الشخصية الفلسطينية التي أبدعها ناجي العلي قبل اغتياله، تظهر كوشم على الأذرع أو في أركان الصور في وقفته التقليدية، مرسوم من الخلف عاقدا يديه وراء ظهره وبجواره زهرة صبار.
كما تظهر تنويعات للعلم الفلسطيني بألوانه الأخضر والأحمر والأبيض والأسود إما بشكل مباشر كعلم يحمله رجل جعل من يد مكنسة سارية للعلم أو تستنتجه في ألوان شعر إحدى الشخصيات.
وتشير ديكيجيان إلى إطارات السيارات التي وضعها الفنان حول لوحاته وتقول "لقد استبدل الزقزوق أطر اللوحات التقليدية بالإطارات المطاطية كرمز لحياته التي أمضاها حتى الأن في ترحال وتنقل مستمرين".