بدأت سلطات مدينة بريتوريا نزع أسماء الكثير من الشوارع لتحمل أسماء جديدة، تكريما لأبطال مكافحة نظام الفصل العنصري، تاركة الكثير من سكان العاصمة الجنوب إفريقية البيض في حيرة وقلق على هويتهم الثقافية.
فبعد 18 عاما على تولي المؤتمر الوطني الإفريقي السلطة، لا تزال محاور الطرقات الرئيسية في الكثير من مدن البلاد تعكس أسماء شخصيات جنوب إفريقيا البيضاء، التي حاربها هذا الحزب طويلا.
ويعتبر كغوسينتسو راموكغوبا رئيس بلدية تشواني، (اسم منطقة بريتوريا)، وهو من المؤتمر الوطني الإفريقي؛ أن الهدف هو إقامة توازن بين ذكرى حكام البلاد السابقين ومن خلفهم.
ومع أن سكان المدينة باتوا في السنوات الأخيرة أكثر تنوعا، فإن العاصمة تبقى معقلا للأفريكانر، الذين يتحدرون من مستعمرين هولنديين وصلوا إلى البلاد في القرن السادس عشر، وأرغموا على تسليم السلطة إلى الغالبية السوداء في العام 1994. وهم متمسكون جداً بجذورهم.
وشدد رئيس البلدية في خطابه التقليدي في مطلع السنة: "لا نقول إن الأفريكانر لم يضطلعوا بدور، إلا أن المدينة يجب أن تكون مرآة لماضي كل طرف". وكشف أن "الأفريكانر ليسوا موضع كره أو استهزاء، لكن الكثير من شوارع المدينة تحمل أسماء أفريكانر"، ملمحا إلى أن هذا الأمر يجب أن يتبدل.
وبعد إجراءات قضائية طويلة عمد موظفون من البلدية إلى تغير لوحات حوالى ثلاثين شارعا كبيرا، لا سيما وسط المدينة. ولا تزال الأسماء القديمة موجودة، لكن مؤقتا، ومشطوبة بالأحمر إلى جانب لوحات جديدة بأسماء إفريقية.
ووقع الكثير من شخصيات البيض التاريخية ضحية هذه السياسة الجديدة، ليحل مكانها بشكل عام ضحايا من مرحلة مكافحة الفصل العنصري. فقد حل ستيف بيكو، الناشط الأسود من أجل "الضمير الأسود"، الذي اغتالته الشرطة البيضاء عام 1977؛ مكان شارع "فورتريكيرز"، وهم أفريكانر فروا من الهيمنة الإنكليزية في منتصف القرن التاسع عشر، وأتوا لاستعمار شمال البلاد.
ويعتبر كونراد بايرز، المستشار البلدي من حزب "فريدوم فرانت بلاس" للأفريكانر: "إن تغيير أسماء حساسة تاريخيا يشكل خطأ جسيما". ويؤكد أن ثمة ما يكفي من أسماء الشوارع المحايدة، لا سيما الجغرافية منها والكثير من الشوارع الجديدة، تسمح للمؤتمر الوطني الإفريقي أن يترك بصماته عليها.
وفي حين تبقى البلدية متكتمة حول الموضوع، فإن المعارضة الأفريكانر تخشى تغييرات جديدة، إذ إن بعض شخصيات الفصل العنصري لا تزال أسماؤها واردة، مثل جون فورستر الذي كان رئيسا للوزراء وللبلاد من 1966 إلى 1979.
وتخشى خصوصا أن يضفى طابع إفريقي على اسم المدينة لينتقل من بريتوريا إلى تشواني. والمؤتمر الوطني الإفريقي يدرس هذه الإمكانية منذ العام 2005، لكنه لم يجرؤ بعد على التغيير.