وقع الكاتب الألماني غونتر غراس، 84 عاما، الحائز على جائزة نوبل للآداب تحت نيران الانتقادات الإسرائيلية والألمانية بنشره قصيدة تدافع عن إيران وتتهم إسرائيل بتهديد السلام العالمي.
القصيدة النثرية "ما يجب أن يقال" نشرت يوم 2 أبريل في صحيفة "زود دويتشيه تسايتونج" اليومية الشهيرة التي تصدر في ميونيخ.
وما أن ظهرت للجمهور حتى انهالت الاتهامات علي كاتبها بمعاداته للسامية لوقوعه في المحظور بانتقاده إسرائيل، خاصة في بلد لا يزال المجتمع الدولي يذكره بالمحرقة التي ارتكبها النازيون ضد اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية 1939-1945.
في قصيدته، يدين غونتر غراس "الحق المزعوم في أن تكون من يبادر بالهجوم" في إشارة إلى احتمال توجيه ضربات استباقية إسرائيلية ضد إيران إذا ما استمرت في برنامجها النووي الذي تقول إنه موجه لأغراض سلمية بينما تدينه إسرائيل والغرب.
الكاتب يري أن مثل هذه الخطوة كفيلة بأن تؤدي إلى "فناء الشعب الإيراني" ويدعو الألمان إلى رفض الدخول كشركاء في "جريمة متوقعة".
في عام 2005، وقعت برلين وتل أبيب عقدا لبيع غواصات من طراز دولفين يمكن تزويدها بأسلحة نووية وسيتم بموجبه تسليم الغواصة السادسة من هذا الطراز إلى إسرائيل قريبا. لذا فإن غراس يشجب "الصمت العام" المفروض على هذه المسألة ويعزوه إلى خشية "الحكم بمعاداة السامية الذي سيقع تلقائيا" على من يتجرأ ويكسر حاجز الصمت المفروض على هذه "الأكذوبة الثقيلة".
ويتساءل غراس في قصيدته "لماذا لم أقل سوى الأن (...) أن قوة إسرائيل النووية تهدد سلاما عالميا هو أصلا هش؟" ويرد على التساؤل الذي طرحه: "لأنه يجب أن نقول الأن ما يجب أن يقال فقد يكون الأوان قد فات غدا".
الأديب الحائز على جائزة نوبل عام 1999 معروف بتوجهاته اليسارية وبكتاباته الداعية إلى السلام والتي تذكر دائما ألمانيا بتاريخها النازي كما في روايته الشهيرة "الطبلة" التي تحولت إلى فيلم سينمائي.
لكن هذه ليست المرة الأولى التي يقع فيها غراس تحت نيران الانتقادات الإسرائيلية؛ ففي عام 2005 أثار عاصفة من الهجوم عليه عندما اعترف بمشاركته في الجيش الألماني تحت حكم الزعيم النازي أدولف هتلر، وهو ما برره باضطراره للانصياع لأوامر دولته التي كانت تزج بالشباب رغما عنهم في جبهة القتال.
وبعد نشر قصيدته، جاء رد الفعل الإسرائيلي سريعا وعنيفا حيث صرح الرجل الثاني في السفارة الإسرائيلية في برلين إيمانويل نحشون في بيان أن "ما يجب أن يقال هو إن إلقاء اللوم على اليهود قبل عيد الفصح اليهودي هو عادة أوروبية".
وأعرب الدبلوماسي الإسرائيلي عن أسفه لكون إسرائيل البلد "الوحيد في العالم الذي يعاد النظر علنيا في حقه في الوجود"، مؤكدا، حسب وجهة نظره، أن "الإسرائيليين يريدون أن يعيشوا في سلام مع جيرانهم في المنطقة".
وانتقدت مديرة اللجنة اليهودية الأميركية في ألمانيا، ديدريه برغر، الكاتب قائلة "غونتر غراس يقلب المواضيع رأسا على عقب عندما يدافع عن نظام عنيف".
وبينما قال هنريك برودير، وهو كاتب يهودي مشهور في ألمانيا بمقالاته المثيرة للجدل، في صحيفة "دي فلت" المحافظة إن "غراس كان لديه دائما مشكلة مع اليهود، لكنه لم يفصح عنها أبدا بمثل هذا الوضوح من قبل كما فعل في هذه القصيدة"، اعتبر برودر أن غراس "هو مثال المثقف (الألماني) المعادي للسامية" الذي تطارده "مشاعر العار والشعور بالذنب".
أما المجلة الأسبوعية "دير شبيغل"، فقد كتبت علي نسختها الإلكترونية: "لم يحدث قط في تاريخ الجمهورية الاتحادية (الألمانية) أن تعرض مثقف ذو شهرة وصيت بمثل هذا الكم من الأفكار النمطية لإسرائيل".
أما على الصعيد الرسمي الألماني، فقد أصدر وزير الخارجية الألماني جيدو فسترفيلليه بيانا قال فيه - دون ذكر اسم غراس- إن "التقليل من مخاطر البرنامج النووي الإيراني هو بمثابة إنكار لخطورة الموقف". ذلك، بينما رفض شتيفن زايبرت، الناطق باسم الحكومة، التعليق على الموقف تحت مسمى "حرية الإبداع".
أما علي الشبكة العنكبوتية، فقد احتدم السجال بين مؤيدي غراس ومعارضيه حيث دعا الفريق الأول إلى مناقشة ما كتبه الأديب بينما اتهمه الفريق الثاني بأنه "معاد للسامية".