ما إن تغيب الشمس عن كوالالمبور، حتى يجد الشباب الشغوف بالموسيقى متنفسه في شوارع وسط العاصمة الماليزية، المزدحمة بالبشر والجنسيات.
يخرجون إلى الهواء الطلق بآلاتهم البسيطة، وينصبون عدتهم ويطرحون بضاعتهم، وسط اجتماع كبير للمارة لمتابعة حفل فني غنائي مجاني، للحصول على قسط من الراحة بعد ساعات من التجول والتسوق.
بين كل بضعة مئات من الأمتار، وعلى النواصي وفي الساحات العامة في كوالالمبور تجد فريقا موسيقيا هاويا، يجوب المدينة محولا هوسه بالفن والغناء إلى واقع، بإمكانات بسيطة لكن بأحلام كبيرة.
وفي الشارع، لا حاجة إلى الاحتراف أو الترتيبات المعقدة الضرورية لتنظيم الحفلات، فقط كل ما يحتاجونه مساحة ومهارة في العزف والغناء، ومستمعا يصغي ويطرب، وكل هذا متوافر لحسن الحظ.
وعلى الجانب الآخر، ينتقل الشغف من المرسل إلى المستمع، حيث يجتمع العشرات من المارة واقفين وجالسين، يتمايلون على أنغام الموسيقى المنبعثة من مكبرات صوت، قد تكون رديئة شيئا ما إلا أنها تفي بالغرض.
وأمام كل فريق إناء صغير يجمعون فيه ما تيسر من جيوب المستمعين، كل حسب استمتاعه بالأداء، لكن الهدف الأساسي من "غناء الشوارع" ليس ماديا، كما يقول سيزر توريف، المطرب الرئيسي ولاعب الغيتار في فريق "سيلا".
"لا نفعل هذا من أجل المال، بل لأننا نريد أن نعرض فننا على الناس"، وفقا لسيزر الذي تحدث إلى "سكاي نيوز عربية"، قبل أن يطلق حفله الصغير في شارع "بوكيت بنتانغ" وسط كوالالمبور.
ويقدم سيزر مع فريقه المكون من عدد من الفنانين، ألوانا مختلفة من الأغاني، بين ماليزية محلية وعالمية، لكنه يعشق بصفة خاصة موسيقى الروك.
ويقول المطرب والعازف الشاب: "نغني في الشارع 4 أو 5 مرات في الأسبوع في أماكن مختلفة. نعمل أساسا في كوالالمبور لكننا أحيانا ما نسافر إلى بلدان أخرى. لقد عدنا لتونا من فرنسا. نقدم فننا في الشارع أو في الحفلات".
وبدأ سيزر حياته العملية نادلا في مطعم، لكن موهبته في الغناء والعزف دفعته إلى أن يجرب حظه رفقة بعض الأصدقاء منذ أكثر من عام، ولتكن البداية من الشارع.
ويتابع: "نغني حتى يسمعنا الناس. نحن نريد أن نقدم لهم موسيقى جيدة ونحلم أن نكون فريقا عالميا مشهورا".
ويختار أفراد فريق "سيلا" مكان حفلاته في الشوارع التي تسمح بتجمعات بشرية، حيث تستهوي موسيقاهم عشرات المارة، وعادة ما يقدمون أعمالهم إلى جوار المطاعم، كي تصل الأغاني إلى المستمعين وهم في وضعية مرتاحة.
ويختار سيزر أغاني فريقه بعناية، لكنه يعمل من جانب آخر على إنتاج أغنيات خاصة بهم، وكان المولود الأول يحمل اسم "الحب".
ولم يسبق لفريق "سيلا" أن زار بلدا عربيا، لكن يبقى هذا الهدف في ذهن سيزر ورفاقه، الذين قالوا في نهاية المقابلة إنهم يغنون طوال الوقت، منذ الاستيقاظ وحتى النوم.