كشف مختصون في الشؤون الفضائية والدفاع أن الولايات المتحدة والصين تخوضان "حربا" بالأقمار الاصطناعية في مدار الأرض، بعيدا عن أنظار البشرية.
وتتمحور الحرب الفضائية بين واشنطن وبكين في الاقتراب من الأقمار الاصطناعية، والمناورة، والتخفي والمراقبة، في تطور جديد يعكس ازدياد أهمية عسكرة الفضاء، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
وفي عام 2022 وقع اشتباك بين قمر اصطناعي أميركي "يو إس إي 270" ومركبتين فضائيتين صينيتين، ولكن وزارة الدفاع الأميركية ولا الصينية لم تعترفا علنا بهذه الواقعة، ولم يلحظها سوى المختصين في الشؤون الفضائية والدفاعية.
وتعرف هذه المناوشات المدارية باسم "القتال الجوي في الفضاء"، ويدرجها المختصون في إطار تجسس، وغالبا ما تبقى تفاصيل العملية سرية.
وتشمل الحرب الفضائية التقاط صور مركبات الدول الأخرى لمعرفة طبيعة أنظمتها وقدراتها، إلى جانب مراقبة الإشارات والبيانات الصادرة عنها والتنصت على الاتصالات بين الفضاء والأرض، أو التشويش على هذه الإشارات، والتدخل في عمل المركبات.
وعلى عكس الاشتباكات الجوية بين الطائرات، تستغرق المناورات المدارية ساعات أو حتى أياما، وتعمل واشنطن وبكين وموسكو على إطلاق أقمار اصطناعية مصممة خصيصا للتحرك بديناميكية تشبه الطائرات، كالانعطاف الحاد، والإبطاء، والتسريع، وحتى الطيران المتوازي.
وقال كبير مسؤولي النمو في شركة "إكسو أنالايتيك سولوشنس" المتخصصة في مراقبة النشاط الفضائي: "تقليديا لم تصمم الأقمار الاصطناعية للقتال ولا لحماية نفسها في القتال، وهذا كله يتغير الآن".
وقال الجنرال ستيفن وايتنغ، قائد القيادة الفضائية الأميركية، في مقابلة مع "واشنطن بوست" إن دولا مثل الصين تناور بمركباتها الفضائية بطرق "قد تمكنها، في حال نشوب صراع، من تحقيق موقع أفضلية مقارنة بالولايات المتحدة".
وأضاف: "نريد أن نضمن بقاءنا القوة الفضائية الأولى عالميا، وأن نطور قدراتنا على المناورة للحفاظ على موقع تفوقنا والدفاع عن أنفسنا".
من جانبه، قال ليو بينغيو، المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن، في بيان للصحيفة: "الصين ملتزمة بالاستخدام السلمي للفضاء الخارجي، وتعارض أي سباق تسلح أو عسكرة للفضاء. لا نعتزم الدخول في سباق فضائي مع أي دولة، ولا نسعى لما يسمى التفوق في الفضاء".
وتحاول الصين اللحاق بالولايات المتحدة، وعلى عكس واشنطن التي تفصل بين وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" ووزارة الحرب، يدار البرنامج الفضائي الصيني بالكامل من قبل الجيش، ويمكنه مشاركة أي تقدم تكنولوجي أو صناعي مع المؤسسات العسكرية.
وتدير الصين اليوم 6 محطات فضائية لإطلاق أجيال جديدة من الصواريخ المصممة لحماية مجموعة كبيرة من الأقمار الاصطناعية، وخلال هذا العام حققت رقما قياسيا، وأطلقت أكثر من 80 صاروخا، إلى جانب خططها لإرسال رواد الفضاء إلى سطح القمر بحلول عام 2030.
ولكن الصين تركز بشكل خاص على العمل في المدار الأرضي المتوسط، حيث تحلق الأقمار الاصطناعية التابعة لوزارة الحرب ووكالات الاستخبارات الأميركية.
ورغم كل هذه التطورات، إلا أن القتال المباشر بين الأقمار الاصطناعية ما زال في مراحله الأولى، وفقا لمسؤولين في البنتاغون.
ومع زيادة الاستقلالية وإدخال الذكاء الاصطناعي، يتوقع المسؤولون تسارع هذه الظاهرة، والانتقال من اشتباكات فردية إلى عشرات أو مئات العمليات المتزامنة.