بالتشكيك والريب تتلقف بعض الفئات أي خبر له علاقة بالعلوم، لا سيما علوم الفلك والفضاء.
هو تشكيك نابع من عقلية تهيمن عليها نظرية المؤامرة، وليس ذاك التشكيك الذي يقف خلفه حسّ نقدي يُخضِع كل شيء للمنطق والتفكير المنهجي.
وهذا التشكيك ليس حكرًا على العرب مثلاً أو مجتمعات بعينها، بل حتى في بلد كالولايات المتحدة حيث لا تزال فئة تشكك بهبوط رواد رحلة أبولو التابعة لناسا على القمر.
وبعض التشكيك يتخذ شكل التسخيف، على غرار، وحسنًا ماذا استفدنا من علوم الفضاء ورحلات سبر الأجرام السماوية!! باعتبار أنه سؤال مفحم وتعجيزي!
في حقيقة الأمر ما هو تعجيزي هو إمكان حصر وعدّ الفوائد التي تعود على الدول وشعوبها بفضل اهتمامها بهذه المجالات العلمية الهامة.
فماذا استفادت الإمارات العربية المتحدة مثلاً من مشروع كـ"مهمة زايد 2"، التي كان نجمها رائد الفضاء سلطان النيادي، والذي ظل 6 أشهر في محطة الفضاء الدولية ضمن برنامج علمي.
أولاً هناك فيض من المنافع ذات الطابع العلمي، حيث أجريت وستجرى دراسات على:
- تأثير الجاذبية الصغرى على وظائف القلب والجهاز التنفسي.
- المشاركة في دراسة مسببات الأمراض في الفضاء.
- إنتاج محاصيل غذائية في الفضاء.
- تأثير بيئة الجاذبية الصغرى على أنماط النوم لرواد الفضاء.
- تجربة إنتاج بلورات البروتينات الخاصة بالأجسام المضادة.
اقتصاديًا أيضًا، تضع الدول المهتمة في استكشاف الفضاء قدمًا في مضمار السباق على الاستفادة من موارد الأجرام السماوية، وعلى أن تقنين سبل الاستفادة والاستثمار فيها لا تزال في أطوار مبكرة، إلاّ أنه وفي حال باتت عملية تعدين الكواكب أمرًا واقعًا فإن الدول التي ستسبق وتكون قادرة على إجراء العمليات المطلوبة، هي الدول التي استثمرت سلفاً باستكشاف الفضاء وكونت خبرة علمية وتقنية ولوجستية.
أيضًا ثمة فوائد يكمن تسميتها بـ "البراندينغ" أو السمو بالعلامة التجارية والسمعة للدولة، فانطباعك عن دولة وصلت إلى الفضاء وتواصل برامجها العلمية طبعًا مختلف عن دول متعثرة أو متسربلة بأمور وأزمات عفا عليها الزمن.
المراقب العادي بإمكانه أن يلاحظ استثمار الإمارات بالتكنولوجيات فائقة الدقة والتعليم النوعي. وبالتالي فأنت حين تسمع عن هذه الإنجازات بديهيا ستشعر بالارتياح للعمل في هذا البلد والاستثمار به والسياحة فيه والثقة بمؤسساته السيادية والاقتصادية.