من المتوقع أن يفقد الآلاف من ذوى الأصول الجنوبية في السودان جنسياتهم وفقا لاتفاق السلام الموقع بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية التى تحكم دولة جنوب السودان.
وكانت الاتفاقية سمحت بالتصويت للوحدة أو الانفصال، في استفتاء أجري مطلع العام الماضي وأفضى إلى قيام دولة جنوب السودان.
وأكدت الحكومة السودانية أن مسألة عدم إعطاء الجنسية السودانية للجنوبيين هو أمر محسوم ولا رجعة عنه، وهو أمر جرت مناقشته في آخر جلسات المحادثات التي جرت في أديس أبابا رفضت الحكومة السودانية الأمر برمته.
العديد من المنظمات وعلى رأسها هيومان رايتس ووتش طالبت بعدم نزع الجنسية عن المواطنين السودانيين المنحدرين من أصول جنوبية إذا لم يستطيعوا الحصول على جنسية جنوب السودان أو لم يرغبوا في الحصول عليها.
وأوضحت تلك المنظمات أنه ينغبي ألا تفترض الحكومة أن كل السودانيين المنحدرين من أصول جنوبية مواطنون بدولة جنوب السودان، كما يجب على الحكومة أيضا مراجعة قانون الجنسية وفقا لذلك.
وقال الناطق باسم الخارجية السودانية العبيد مروح إن الثامن من أبريل هو اخر يوم قبل أن تسحب الجنسية من الجنوبيين حيث ستم التعامل معهم بعد ذلك كأجانب، وبالتالي عليهم أن يسووا أوضاعهم القانونية قبل نهاية 8 أبريل.
وكان السودان ودولة جنوب السوان قد أكدا مجددا في 12 فبرايرالماضي على الموعد النهائي المحدد لتوفيق الوضع القانوني، وذلك ضمن اتفاق بشأن وسائل إعادة الجنوبيين إلى الجنوب، لكن الاتفاق لم يتناول وضع الجنوبيين الراغبين في البقاء كمواطنين سودانيين في دولة الشمال.
أما نائب الرئيس السوداني الدكتور الحاج آدم فقد أكد أنه بعد التاسع من أبريل المقبل بأن جنوبي لن يدخل البلاد دون إجراءات رسمية، موضحا أن الحكومة لن تطرد سوى الجنوبيين غير المرغوب في وجودهم.
وتعليقا على ذلك قال بيتر وهو جنوبي يسكن الخرطوم وولد فيها ولا يعرف عن الجنوب شيئا إنه لا يستطيع الذهاب إلى هناك، وسيسعى لأن يكون مع المرغوب فيهم وأن يحصل على الجنسية من خلال علاقاته ببعض المتنفذين في الدولة.
وتابع في حديثه لـ"سكاي نيوز" : "أنا مرتاح في عملي الحر وفي بيتي الذي أملكه فلماذا أغادر إلى المجهول".
ولا يزال هناك عدد يتراوح بين 50 و70 ألفاً من الذين ينحدرون من أصول جنوبية يعيشون في الشمال، وكثير من هؤلاء فروا إلى الشمال هربا من الحرب الأهلية في الجنوب، وعاشوا في الشمال لعقود من الزمن، أو ولدوا فيه ولم تعد لهم سوى صلات محدودة بالجنوب.
وبموجب قانون الجنسية السوداني، الذي جرى تعديله عقب استقلال الجنوب، سيفقد الأفراد تلقائيا جنسيتهم عندما يحصلوا على "جنسية جنوب السودان" "قانونيا أو بحكم الأمر الواقع".
ولا ينص القانون على كيفية حصول الأفراد على هذه الجنسية بحكم الأمر الواقع أو الكيفية التي يجب أن تحدد بها السلطات ما إذا كان هؤلاء قد حصلوا على الجنسية.
وينص قانون الجنسية الخاص بجمهورية جنوب السودان على أن "أي والدين وأجداد، أو آباء أجداد" ولدوا في جنوب السودان، أو ينتمون إلى أي مجموعة إثنية جنوبية، يستحقون الجنسية.
إلا أن تصريحات وخطوات مسؤولي الحكومة السودانية تشير إلى أن قراءتهم لهذه القوانين تعني أن أي شخص يعيش في السودان حتى إذا كان لديه والد أو جد مولود في جنوب السودان سيفقد جنسيته السودانية، بصرف النظر عما إذا كان حاصلا –أو يرغب في الحصول- على جنسية جنوب السودان.
ووفقا لبعض المواطنين من أصول جنوبية فإن "الخطاب العدائي "من جانب المسؤولين السودانيين تجاهم، كان قد بدأ في الفترة التي سبقت الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب، فالرئيس السوداني عمر البشير، الذي بدأ في وصف الجنوبيين بـ"الأجانب" خلال الإستفتاء، تعهّد مرارا بأن دستور السودان الجديد لن ينص على أي حماية لغير المسلمين أو على التنوع.
وهو تهديد يُعتقد على نطاق واسع في السودان أنه موجّه ضد الجنوبيين وأفراد أقليات إثنية أخرى.
كما أن السطات السودانية اتخذت مسبقا خطوات ضد الجنوبيين، إذ عزلت الموظفين الجنوبيين من الخدمة في الحكومة قبل إعلان استقلال جنوب السودان، وأغلقت صحف جنوبية في سبتمبر الماضي.
وفشلت الحكومتان في ضمان الحقوق الأساسية للجنوبيين في حال انفصال جنوب السودان من شماله.
فخلال الفترة الانتقالية التي امتدت لست سنوات بموجب إتفاقية السلام الشامل لعام 2005، التي أنهت الحرب الأهلية في البلاد، رفض السودان وشريكه في الإتفاقية الحركة الشعبية لتحرير السودان، الجنسية المزدوجة رغم أن جنوب السودان لا تمانع في منح الجنسية لمن يطلبها شماليا او جنوبيا ولد وعاش فى الشمال.