يشكل الأمازيغ، وهم سكان منطقة شمال إفريقيا الأصليون، إلى جانب العرب، نسيج المجتمع المغربي منذ 14 قرنا.
“الأمازيغ"، وهي كلمة تعني الرجل الحر، تشمل مجموعة إثنية كانت لها مماليك قبل ميلاد المسيح، وامتدت إلى أجزاء واسعة من الصحراء الكبرى.
وبالرغم من حرص مؤسس أول دولة إسلامية في المغرب، إدريس الأول، على الزواج بأمازيغية، كي يضمن توحيد البلاد، إلا أن الأمازيغية كثيرا ما خضعت للتقلبات.
واتخذت القضية الأمازيغية زخما أكبر في المغرب، بعد استقلال البلاد عام 1956، مع دفاع الأحزاب الوطنية عن تعريب النظام التعليمي، وإبداء مواقف يصفها الأمازيغ بالمجحفة في حقهم.
وظل حزب الاستقلال المغربي، ذو النشأة السلفية إلى جانب قوى الإسلام السياسي الأخرى، يعارضون إلى غاية عام 2011 الاعتراف بالأمازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية.
إضافة إلى اللغة، ظل ممنوعا على الأمازيغ أن يتخذوا أسماء أمازيغية لأبنائهم، كما جرى تعريب أسماء عدد من المدن، مثل "تطاوين" و"زايلا" و"شاون" التي أصبحت تعرف بعد التحول "الطوبونيمي"، بتطوان وأصيلة وشفشاون.
وعلى صعيد الإعلام، كان التلفزيون الرسمي بالمغرب يخصص أقل من نصف ساعة يوميا لبث ما كان يسميها "نشرات اللهجات"، قبل أن تؤسس الدولة قناة أمازيغية بدأت بثها في 2010.
وبحكم ترابط الحركات الأمازيغية في شمال إفريقيا، سرعان ما انتقلت شرارة "ربيع الأمازيغ" من الجزائر سنة 1980 إلى المغرب، لتؤجج مطالب بإنصاف المكون الأمازيغي.
وإن كانت الحركة الأمازيغية في المغرب لم تفلح في انتزاع مطالبها على عهد الملك الراحل، الحسن الثاني، وتعرض عدد من نشطائها للاعتقال، فإن وصول الملك محمد السادس إلى العرش سنة 1999 كان محطة فارقة.
وألقى العاهل المغربي بعد عامين من وصوله إلى الحكم، خطابا خصصه بالكامل للأمازيغية، أكد فيه أن النهوض باللغة صار مسألة وطنية، كما أعلن عن إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
وعقب دعوة الملك محمد السادس إلى إنصاف الأمازيغية، صار خصومها في المغرب أقل شراسة، بحسب متابعين، فباتوا لا يعارضون تمكين اللغة والثقافة الأمازيغيتين إلا بمقدار محدود.
اللغة الأمازيغية
أما تدريس الأمازيغية في مدارس المغرب فجرى إقراره بحرف "تيفناغ" الأمازيغي، بالرغم من رفض بعض الأحزاب الوطنية.
ويقول الناشط الأمازيغي المغربي، عادل أداسكو، لـ"سكاي نيوز عربية" إن ما تحقق للأمازيغية في المغرب غير كاف بالرغم من الاعتراف بالأمازيغية لغة رسمية في دستور 2011، مضيفا أن القرارات الرسمية لا زالت تحتاج إلى من يترجمها على أرض الواقع".
عادل الذي اتخذ لابنه البكر اسم "سيفاو"، قال إن بعض موظفي الدولة في المغرب لا زالوا يعاكسون توجه الدولة، على اعتبار أن عددا من الأمازيغ لا زالوا يلجؤون إلى القضاء كي يؤكد حقهم في تسمية الأبناء أسماء أمازيغية.
ويبدي عادل خشيته مما يراه تراجعا في تدريس الأمازيغية بالمغرب، قائلا إن حوالي 20 أستاذا للغة الأمازيغية، جرى تحويلهم مؤخرًا، في المغرب إلى تدريس العربية، في خطوة يصفها بغير المفهومة.
وبين متفائل ومتشائم، تظل القضية الأمازيغية في المغرب واحدة من قضايا الانقسام والتوظيف السياسي، في ظل اتهام معارضين لحكومة عبد الإله بنكيران، بتعمد تهميش الأمازيغية.