يصعب حصر عدد ضحايا الحرب في سوريا بدقة، لكن حقيقة واحدة تفرض نفسها، مفادها أن آلة الموت التي تعمل بنشاط، وضحايا في تصاعد بأدوات شتى تخلف الموت هنا وهناك وتأخذ صبغة المجازر في غالب الأحيان.
وتتضارب الأرقام وفق الجهات التي تجتهد في حصر عدد ضحايا المواجهات السورية، والتي تميل أحيانا للتفصيل، وتكتفي أحيانا أخرى بالإجمال، فالهيئة العامة للثورة السورية أفادت أن سجل الوفيات السورية في عام 2012 قفل على الرقم 41822 ضحية.
أما المفوضية السامية لحقوق الإنسان، فقد أفادت أن عدد الضحايا منذ مارس 2011 حتى نوفمبر الماضي قفز إلى 59648 قتيلا.
ويبقى الاختلاف في الإجماع على عدد القتلى، مجرد انطلاقة للوقوف عند سيناريوهات القتل الطاغية في سوريا التي تصدرت المجازر واجهتها بحصد الأرواح بالجملة.
وقد تعددت المجازر واختلفت أسماؤها وتواريخها، لكن النتجة واحدة، أرواح تزهق ضمن تصفيات جماعية أو استهدافات مباغتة.
فمجزرة سجن حماة في أغسطس 2011 التي شنتها قوات الأمن ضد المعتقلين السياسين بالسجن وفق رواية المعارضة السورية، واقترفها مسلحون ضد قوات الأمن حسب ما روته الحكومة السورية، أودت في المحصلة بحياة العشرات.
كما كانت سوريا على موعد مع الموت أيضا في مجزرة حوران في 23-12-2011 أودت بحياة عشرات الأشخاص بعد تفجير سيارتين مفخختين بإدارة المخابرات العامة السورية.
كذلك مجزرة مخبز أو فرن تلبيسة في 24-12-2012 التي قام فيها الطيران السوري بقصف مخبز ومستشفى بمدينة تلبيسة بمحافظة حمص راح ضحيته 15 شخصا كانوا مجتمعين أمام المخبز للتزود بما تيسر من خبز.
وكذا مجزرة حلفايا في ديسمبر 2012 التي راح ضحيتها 93 قتيلا، وفقا لما وثقته الشبكة السورية لحقوق الإنسان و300 قتيلا حسبما أعلنه المركز الإعلامي للثورة في سوريا.
وعلى هذه الوتيرة ينشط محرك المجاز في سوريا بعضها ينسب للنظام والآخر يلقى على عاتق المعارضة، وتعلو أسماء المجازر واجهات الإعلام، مجزرة حماة، حمص، إدلب، دمشق، وغيرها لتجوب سوريا بأحيائها ومناطقها الريفية والحضرية، وترتفع أعداد القتلى وتقل، لكنها ظلت محافظة دائما على نسق تصاعدي مع ابتكارات في فنون الموت وتوقيته وسيناريوهاته وأماكنه.
ولعل آخر حصيلة لحصاد المجاز في سوريا ما رصدته "سكاي نيوز عربية" في رحلة إلى ريف حلب، الذي عاش على وقع معارك عنيفة مؤخرا بين الجيش السوري والمعارضة المسلحة.
ففي محيط نهر قويق في بستان القصر، كان الالتحام بين عدسة الإعلام، وما خلفته المجزرة التي ذهب ضحيتها عشرات المدنيين، حسب نشطاء سوريين.
وتفاصيل المشهد هناك تلخص واقع المجازر النهمة في سوريا اليوم، فلون مياه النهر المائلة للحمرة تدلل على عملية قتل جماعي جرت قرب حي بستان القصر بحلب.
التصفية التي كانت ميدانية أبانت عنها الإصابات التى سددت في مقتل الرأس إلى الضحايا الـ100 الذين قيدت أيديهم قبل الإجهاز عليهم.
ويبقى سجل الموت مفتوحا على مصراعيه في سوريا في وقت اكتنزت فيه صفحة المجازر بأسماء القتلى الموثقة في جبهة التاريخ و الموقعة بدماء "شهدائها".