في نفس الوقت، لحظة رفع أذان العصر، خرجت في كل من القاهرة ودمنهور جنازة ناشطين، أحدهما قتل في الاشتباكات التي اندلعت بين مؤيدي قرارات الرئيس المصري محمد مرسي التي تعطيه صلاحيات مطلقة وبين معارضيه، بينما طالبت أصوات بعدم استخدام "الشهيدين" لتكريس الانقسام بين الفريقين.
واحتشد الآلاف في شارع محمد محمود المتفرع من ميدان التحرير بوسط القاهرة لتشييع جثمان الناشط بجماعة 6 أبريل، جابر صلاح الشهير باسم "جيكا" والبالغ من العمر 17 سنة، والذي لقي مصرعه خلال الاشتباكات في الذكرى الأولى لأحداث شارع محمد محمود.
واندفع المشيعون وراء السيارة التي نقلت الجثمان إلى جامع عمر مكرم القريب، وهتفوا عند خروج النعش من السيارة "لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله" و"في الجنة يا جابر".
وحمّلت الناشطة الحقوقية، غادة شهبندر، مرسي مسؤولية قتل جابر صلاح، وقالت لـ"سكاي نيوز عربية" "من قتل جابر هم ضباط الداخلية، الداخلية التي لا يريد الرئيس مرسي تطهيرها وإعادة هيكلتها وهذه مسؤولية الرئاسة مباشرة".
وأضافت أنه كان "من الأولى بالرئيس مرسي بدلا من أن يستخدم سلطاته التشريعية بتحصين نفسه ضد القانون، أن يحصن شباب مصر ضد القتل عن طريق استخدام سلطاته لتطهير الداخلية".
وقبل بدء صلاة الغائب على روح جابر صلاح، طلب إمام المسجد في مكبر الصوت "الحاضرين الامتناع عن إلقاء أية هتافات أو شعارات سياسية".
وقال: "هذه جنازة ويجب علينا احترامها وليست مظاهرة سياسية"، والتزم الحضور بدعوته.
وانهمرت دموع أصدقاء القتيل والعديد من الحضور الذين حرصوا على المشاركة في تشييعه.
وقال أحد المشاركين، أحمد محسن (60 عاما) إنه شارك "لأن جابر شاب صغير مات لإيمانه بمبدأ، بينما لم أشارك أنا الكهل أبدا في مظاهرة ضد أي حاكم على الرغم من أنني عشت تحت الديكتاتورية أضعاف ما عاش جيكا".
وكان جابر صلاح قد أوصى أن تخرج جنازته من هذا الشارع الذي أصيب فيه بطلق ناري في الرأس والصدر والذراع، الثلاثاء، أثناء اشتباكات دارت بين الشرطة والمتظاهرين الذين احتشدوا لإحياء الذكرى الأولى لأحداث شارع محمد محمود، والتي كانت قد خلفت عشرات القتلى العام الماضي.
وأعلنت وفاة جيكا رسميا، الأحد، بعد أن رُفعت عنه الأجهزة الطبية التي كانت تساعده على التنفس الاصطناعي رغم وفاته إكلينيكيا منذ عدة أيام.
"جئت أشيع شهيد وناشط ولو استطعت لذهبت إلى دمنهور أيضا لتشييع إسلام مسعود"، حسب ما قالت صفية العزبي التي أضافت "لقد جئت هنا كأم ولا يعنيني إن كان هذا ليبرالي وذاك إخواني، ألن نتعلم أبدا أن نتحد ونكون مجرد مصريين أولاد بلد واحد".
وأردفت قائلة: "إنه لمن العار أن يقتل المصري أخاه، والعار الأكبر أن نفرق بينهم ونصنفهم حتى عند الاستشهاد".
وعقب أحمد محسن على كلامها قائلا "على كل فقد جمعهم الموت وهم الآن يلقون وجه ربهم الذي لا يسأل أحدا إن كان ناصريا أو إخوانيا".
وفي نفس الوقت، شيعت في دمنهور جنازة إسلام مسعود الذي قتل إثر اشتباكات بين مؤيدي مرسي ومعارضيه بميدان الساعة، مساء الأحد، أثناء اقتحام مقر لحزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس مرسي.
وأنشأت الجماعة صفحة على شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تحت اسم "كلنا إسلام مسعود" على غرار صفحة "كلنا خالد سعيد" والتي كانت من الشرارات التي أوقدت ثورة 25 يناير 2011، والتي أدت إلى الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في فبراير من نفس العام.
من جهته، أكد شقيق الراحل أن إسلام مسعود في تصريحات صحفية لا ينتمي إلى حزب الحرية والعدالة أو جماعة الإخوان المسلمين.
وقال موقع الجماعة علة الإنترنت إن مسعود قتل "جراء ضربة غدر من قبل البلطجية الذين يحاولون اقتحام مقر جماعة الإخوان المسلمين بالمحافظة بمدينة دمنهور". وأوضحت مصادر طبية أن مسعود توفي إثر إصابة في الرأس نتيجة إلقاء الحجارة.
وقد نعت رئاسة الجمهورية كلا من جابر صلاح وإسلام مسعود، ووصفتهما في بيان رسمي بأنهما "شابين من أطهر شباب الوطن، اللذين استشهدا في الأحداث الأخيرة".
وأضاف البيان أن "الرئاسة طلبت من السيد النائب العام سرعة ظهور نتائج التحقيق في مجمل الأحداث الأخيرة، وتقديم كل المتسببين في مقتل الشهيدين إلى العدالة في أسرع وقت ممكن، وتؤكد أن الذين تسببوا في استشهاد أي مصري سيلقون جزاءهم لا محالة".