مازال الغموض يكتنف الاعتراف بـ"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" الذي تشكل في قطر قبل عشرة أيام، فبينما اعترفت فرنسا بالائتلاف "ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب السوري" واستقبلت له سفيرا في باريس، اكتفت دول أخرى باعتباره "ممثلا شرعيا للشعب السوري"، فيما رحبت ثالثة به "ممثلا شرعيا للمعارضة"، في حين نأت دول من بينها عربية بنفسها عن قضية الاعتراف، وعارضته أخرى.
وبدا الارتباك واضحا في التعامل مع هذا الجسم السياسي الوليد منذ لحظة إعلان جامعة الدول العربية الاعتراف به، حين قال وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم آل ثاني في مؤتمر صحفي عقب اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب قبل أسبوع: "إن الائتلاف الوطني السوري هو الممثل الشرعي والوحيد للمعارضة السورية"، ليستدرك لاحقا ويعتذر عن ذكر كلمة "الوحيد"، لعدم ورودها في بيان الاعتراف، دون الإتيان على تمثيل الائتلاف "للشعب السوري".
وحث وزراء الخارجية العرب في بيانهم "المنظمات الإقليمية والدولية على الاعتراف به ممثلا شرعيا لطموحات الشعب السوري" ووصفوه بأنه "ممثل شرعي ومفاوض رئيسي مع الجامعة العربية"، ما أظهر عجز الجامعة العربية عن الإعلان بوضوح أن الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة هو "الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري". وتحفظ العراق والجزائر على صيغة بيان الاعتراف العربي، في حين نأى لبنان بنفسه عن المسألة برمتها.
بدوره، اعترف مجلس التعاون الخليجي بالائتلاف فور الإعلان عنه "باعتباره الممثل الشرعي للشعب السوري" وسحب اعترافه بحكومة الرئيس السوري بشار الأسد. تلا ذلك اعتراف باريس بالائتلاف على لسان وزير خارجيتها لوران فابيوس بأنه "ممثل وحيد للشعب السوري".
واعتبر الاتحاد الأوروبي، الاثنين، "الائتلاف السوري المعارض" "ممثلا شرعيا لتطلعات الشعب السوري". وأكد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل "أن الاتحاد الأوروبي يعتبر (الائتلاف السوري المعارض) ممثلا شرعيا لتطلعات الشعب السوري".
وكانت إيطاليا اعترفت على لسان رئيس وزرائها "بالائتلاف المعارض" للنظام السوري في دمشق "ممثلا شرعيا للشعب السوري". وقال ماريو مونتي خلال مؤتمر صحفي في الدوحة مع نظيره القطري الشيخ حمد بن جاسم الاثنين: "لقد اعترفنا بالائتلاف الذي يضم مختلف أطياف المعارضة ممثلا شرعيا للشعب السوري".
أما واشنطن فجاء اعترافها بالائتلاف مشروطا. فقد اعتبرته "ممثلا شرعيا للمعارضة السورية" دون أن تعترف به باعتباره حكومة انتقالية.
أكثر من ذلك، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما: "أرحب بكون المعارضة السورية أسست مجموعة يمكن أن تكون متجانسة أكثر من السابق، سنتحدث إليهم"، لكنه استدرك قائلا: "نحن غير مستعدين للاعتراف بهم كحكومة في المنفى، إلا أننا نعتقد أنها مجموعة تتمتع بصفة تمثيلية".
إلا أن فرنسا تبقى الدولة الأعلى درجة في الاعتراف بائتلاف المعاضة السورية، حيث أعلن رئيسها فرنسوا هولاند أن بلاده ستستقبل في باريس "سفيرا" للائتلاف المعارض السوري الجديد، وذلك عقب اجتماعه برئيسه أحمد معاذ الخطيب قبل ثلاثة أيام في باريس.
أما الحكومة السورية وحلفاؤها، فلم يرحبوا بالائتلاف. فقد قال نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد إن "هذه المعارضات ليست صناعة سورية، بل صناعة أميركية وقطرية"، وأضاف في تصريح لتلفزيون "روسيا اليوم": "عندما لا تنبت المعارضة في أرض الوطن ولا تحظى بدعم أهله، فإنها تستخدم من أجل التشكيك بالوطن وتدميره".
في حين، حذر وزير الخارجية الروسي سيرغى لافروف في رسالة لاجتماع ممثلي الحكومة السورية وأحزاب المعارضة السياسية في داخل سوريا الدول التي تساند الائتلاف من تزويده بالسلاح، مشيرا إلى أن ذلك يعتبر انتهاكا فاضحا للقانون الدولي.
ويتكون الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية من 63 مقعدا، وينضوي تحته المجلس الوطني السوري، الهيئة العامة للثورة السورية، لجان التنسيق المحلية، المجلس الثوري لعشائر سوريا، رابطة العلماء السوريين، اتحادات الكتاب، المنتدى السوري للأعمال، تيار مواطنة، هيئة أمناء الثورة، تحالف معا، الكتلة الوطنية الديمقراطية السورية، المكون التركماني، المجلس الوطني الكردي، المنبر الديمقراطي، والمجالس المحلية لكافة المحافظات.