في حوار شامل أجرته معه قناة سكاي نيوز عربية، عبر الرئيس التركي عبدالله غل عن قلق بلاده إزاء ما يحدث على الحدود الجنوبية لبلاده، وأشاد بالعلاقات الاستراتيجية مع دول الخليج، وبمستقبل الثورات العربية التي قال إنها تأخرت كثيراً.
عبر غل، في مقابلة خاصة مع سكاي نيوز عربية، عن قلق بلاده من حالة عدم الاستقرار على الحدود الجنوبية لبلاده مشيراً إلى أنها قد تؤدي إلى نتائج لا يمكن التكهن بها.
وأضاف الرئيس التركي أن ما يحدث في سوريا "يزعجنا ويحزننا كثيراً، ونحن في تركيا حاولنا تقديم كل ما في وسعنا حتى لا يصل الأمر إلى ما وصل عليه الآن"، منوهاً إلى أن أنقرة قدمت "النصيحة والمشورة الصادقة والخالصة" لدمشق.
وقال: "حذرنا المسؤولين هناك مبكراً من أن الأمور قد تتدهور إلى ما هي عليه اليوم، لكننا لم نجد آذاناً صاغية، ومع الأسف وصل الوضع في سوريا إلى ما هو عليه الآن".
كذلك عبر غل عن أمله بعدم تكرار ما وصفه بـ"الحوادث غير المرغوب فيها" على الحدود بين البلدين، مشيراً إلى قيام قوات سورية بإطلاق النار عبر الحدود.
وقال الرئيس التركي "إن قلقنا في الأساس هو من احتمال وقوع حملات نزوح أكبر إلى أراضينا في حال ساء الوضع في سوريا أكثر مما هو عليه حالياً".
خطة أنان
وبشأن تقييم غل لخطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي أنان، عبر الرئيس التركي عن سعادته ودعمه للخطة، معتبراً أنها تمثل فرصة مهمة للغاية، غير أنه أردف قائلاً "لكن حتى تعطي خطة أنان ثمارها فإنه يجب تطبيق بنودها الستة جميعها، حينها فقط بمكن القول إن جهود أنان أثمرت".
على أن الرئيس التركي عبر كذلك عن أسفه لمقتل أكثر من 600 سوري منذ بداية الإعلان عن تنفيذ الخطة، مشيراً إلى أن ذلك يبعث على القلق إزاء مستقبل الخطة، ورأى أن عدد المراقبين البالغ 300 يعد غير كاف.
وحث غل القيادة السورية على تطبيق جميع بنود خطة أنان، ودعا دمشق إلى سحب الآليات العسكرية من المدن ووقف القتل، والتزام الحكومة السورية والمعارضة بوقف إطلاق النار.
ووصف الرئيس التركي مطالب الشعب السوري، المتمثلة بالحرية والديمقراطية وإنهاء الديكتاتورية، بأنها مشروعة وعادلة، رافضاً مزاعم دمشق بوجود "عصابات مسلحة إرهابية".
وأوضح أن هناك ضباطاً وجنوداً بين اللاجئين السوريين إلى تركيا والأردن، وهم خرجوا حفاظاً على حياتهم، نافياً أن تكون تركيا قد زودت عناصر القوات المنشقة عن النظام بالسلاح أو التدريب.
وقال: "السوريون جميعاً يعرفون أننا نقف إلى جانب استقرارهم وأمنهم، ولكن عندما يبطش النظام بشعبه بهذا الشكل فإننا نقف إلى جانب الشعب، لا يمكننا أن نقف متفرجين على ما يحدث، لأن مطالب الشعب السوري مشروعة ومحقة، ولو كانت مطالبهم غير مشروعة لوقفنا موقفاً مغايراً".
وحول الانتخابات البرلمانية في سوريا وما إذا كانت ستعمل على تحفيف الازمة فيها، قال غل: "لا اعرف كيف يمكننا أن نحكم على هذه الانتخابات وهي تجري في هذه الظروف؟ إلى أي مدى هي حرة ونزيهة وفي أي أجواء سياسية وأمنية تجري؟ الانتخابات التي اعرفها تجرى عادة في جو من البهجة والمنافسة النزيهة وتكون البلاد كأنها في عيد، لا اعتقد ان هذه هي اجواء الانتخابات في سوريا الان فظلال الأزمة السورية تغطي عليها".
الأزمة مع المالكي
وحول الأزمة بين تركيا ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، قال الرئيس التركي إنه من وجهة النظر التركية لا يوجد أي توتر، موضحاً أن تركيا تريد رؤية "جميع الدول الجارة والحكومات الجارة تعيش في تفاهم وسلام مع شعوبها أولاً ومن ثم مع جيرانها".
وأضاف أن "تركيا من أولى الدول التي قدمت الدعم والعون للعراق، وتقف على مسافة واحدة من جميع الاحزاب والطوائف العراقية، السنة والشيعة والعرب والكرد والتركمان كلهم اخوتنا، وتعاملنا معهم يكون وفق مشاريعهم السياسية وليس انتمائهم العرقي أو الديني".
وتابع أن هناك حقيقة واقعة وهي أن الأحزاب العراقية لديها شكاوى ومشاكل كثيرة على الحكم، انظر الى البرلمان العراقي، إن زعماء الأحزاب العراقية باتوا يجتمعون خارج البرلمان وخارج بغداد، صاروا يجتمعون في أربيل وغيرها، هذا أمر يقلقنا بالطبع.
ودعا غل، في المقابلة الخاصة مع سكاي نيوز عربية، القيادة العراقية إلى أن تتعامل مع الشعب العراقي دون تمييز أو محاصصة، مشيراً إلى أن "هذا هو كل ما نريده من الحكومة العراقية".
تركيا وإيران ودول الخليج
وحول دور الوساطة التركية في الملف النووي الايراني، قال غل "ما يهمنا هو حل تلك المشكلة، فإذا استطاعوا حلها دون معونة منا فنحن أول من سيفرح بذلك، فنحن لدينا ما يشغلنا، نحن لا نقدم المساعدة إلا حين تُطلب منا، كل ما قمنا به هو تسهيل عملية التفاوض.
وقال إن جلسة الحوار المقبلة ستكون في بغداد، وأن الدور التركي ساعد في تأسيس الثقة بين الطرفين في جولة اسطنبول، معبراً عن أمله في أن تحقق جولة بغداد تقدماً أكبر وأن تؤدي المفاوضات إلى وضع هذا الملف على طريق الحل السلمي عبر الحوار والتفاوض.
وعبر الرئيس التركي عن حزنه إزاء التوتر بين دول الخليج وإيران في هذا الوقيت، داعياً الأطراف إلى حل هذا الخلاف عن طريق الحوار والمفاوضات، موضحاً أن دول الخليج تعتبر مهمة جداً بالنسبة إلى تركيا.
وقال "وكما أعلم فإن دولة الامارات العربية المتحدة دعت إلى الحوار والمفاوضات وهذا أمر إيجابي، بالطبع يمكن دائما اللجوء إلى مبادئ القانون أيضا ،لكنني أعتقد أنه يمكن حل الخلاف عن طريق الحوار والمفاوضات".
واشار إلى أن تركيا تولي أهمية بالغة لدول الخليج، مشيراً إلى وجود علاقات اقتصادية وتعاون استراتيجي بين تركيا وهذه الدول.
الربيع العربي
وقال الرئيس التركي إنه ليس قلقا على مستقبل الثورات العربية، وأن "ما حدث كان سيحدث، بل لعله تأخر كثيراً، ولا يمكن لأحد أن يقف أمامه".
وقال إن الدول العربية التي شهدت هذا التغيير الكبير كان فيها أنظمة حكم غير متوافقة مع حقائق العصر الحالي، وعندما أهمل الحكام تغيير هذه الأنظمة القديمة قام الشعب بنفسه بتغييرها، معتبراً أن حالة التوتر وعدم الاستقرار وربما الفوضى التي تشهدها دول الربيع العربي أمراً طبيعياً.
وقال إنه ليس من السهل تأسيس نظام ديمقراطي وزرع ثقافة الديمقراطية لدى الكثير ممن تعودوا على الحكم الدكتاتوري، مشداً على صعوبة المسألة وعلى حاجتها لأن تأخذ وقتاً، "لكنني متأكد من أن النتيجة ستكون إيجابية في النهاية، لأن العالم العربي فيه الكثير من العلماء والقادة السياسيين من أصحاب الرأي السليم".