وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، بشمول الفنانين ببرامج الحماية التأمينية والرعاية ضد المخاطر، وهو القرار الذي يمثل دعماً لـ"قوة مصر الناعمة"، يستفيد منه بشكل أساسي العاملون بالقطاع الفني الذين لا يتمتعون بوظائف منتظمة ولا يمتلكون مصادر بديلة للدخل.
وذلك بهدف توفير سبل المعيشة الكريمة لهم ولأسرهم، بما يساعد على تعزيز وحماية القوة الناعمة لمصر على الصعيد الفني والإبداعي والثقافي، والتي طالما مثلت إرثاً متميزاً لمصر في المنطقة والعالم كمنارة للفن والإبداع.
جاءت توجيهات الرئيس المصري، خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير المالية الدكتور محمد معيط ووزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق، ووزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج، ومستشار رئيس الجمهورية للشؤون المالية اللواء محمد أمين، ورئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي جمال عوض، تم خلاله متابعة "منظومة دعم وحماية الفنانين، وكذلك تطوير الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي"، بحسب المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير بسام راضي.
ووجه السيسي بتدقيق قاعدة البيانات الخاصة بحصر وتسجيل الفنانين بمختلف فئاتهم بالتنسيق والتعاون مع النقابات الفنية المختلفة؛ وذلك لشمولهم ببرامج الحماية التأمينية والرعاية الاجتماعية ضد المخاطر المتنوعة مثل الشيخوخة والعجز وغيرها، والتي قد تعيقهم عن أداء عملهم.
مبادرة إيجابية
تعلق الكاتبة والناقدة الفنيّة ماجدة موريس، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، على ذلك القرار، بالإشارة إلى أنه من "آن لآخر نسمع عن فنانين كانوا ملء السمع والبصر لكن أحوالهم في الوقت الحالي متدهورة، ويعانون مادياً وصحياً، لا سيما مع عدم عملهم واضطرارهم للجلوس في منازلهم دون عمل، ومنهم مرضى لا يستطيعون تحمل تكاليف العلاج".
من هنا تأتي أهمية توجيهات الرئيس المصري الأخيرة، والتي تؤكد موريس على أنها تمثل مبادرة إيجابية، لا سيما بعد تكرار وتعدد حالات الفنانين الذين يعانون صحياً ومادياً، وهو ربما الأمر الذي كان دافعاً لمثل تلك المبادرة، موضحة في الوقت نفسه أنه كانت تتوافر برامج رعاية من جانب النقابات الفنية، لكن ليست بنفس الشكل الموسع الذي تحدث عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وتابعت: "برامج الرعاية الحالية لم تكن على القدر الكافي أو الكامل.. وربما كان يتم التركيز على كبار الفنانين أو الأسماء الشهيرة، وليس مع كل الفئات العاملة في الفن"، مشددة في الوقت نفسه على أهمية أن تقوم النقابات الفنية بموازاة ذلك بمراعاة مسألة "العمل"، عبر الاتفاق مع المنتجين لإشراك هؤلاء الفنانين -المهمشين أو كبار السن أو الذين اضطروا للجلوس في المنزل بلا عمل- من أجل دعمهم بعد مسيرتهم الفنية.
مصر الجديدة
بدوره، يقول المتحدث باسم نقابة المهن الموسيقية في مصر، طارق مرتضى: "هذه هي مصر الجديدة، وهذا هو الرئيس السيسي كما عهدناه، لا يوجد ما يُسمى تمييز، المواطنون جميهم سواسية"، مشيراً في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى أن "القطاعات الفنية، ومن بينها القطاع الموسيقي وجد من ينظر إليه ويحقق مطالبه، خاصة بعد معاناة ومشكلات لسنوات".
ويوضح أن "الموسيقي ليس هو النجم الكبير، وإنّما القاعدة العريضة للموسيقيين من العازفين الصغار البسطاء الذين يعملون فترة ويظلون دون عمل لفترة أخرى"، مشيرًا إلى أنّ "الموسيقيين الصغار عانوا من البطالة، وكانوا في أشد الاحتياج لمد يد العون من قِبل الدولة".
ويلفت إلى أن "هناك ما يقرب من 40 ألف موسيقي، بين موسيقيين عاملين ومنتسبين"، مؤكدًا أن توجيهات الرئيس السيسي تمثل إنصافاً لحقوقهم المهدرة منذ زمن.
ويشير مرتضى إلى أن "نقابة الموسقيين دائمًا ما كانت تهتم وحدها بأمر الموسيقي، وكون اهتمام الدولة بتحمل جزء كبير من الأعباء على كاهل الموسيقي مثل العلاج، فلا بد من توجيه الشكر للرئيس السيسي على ذلك.
الحماية التأمينية
الكاتب والناقد الفني أحمد سعد الدين، يقول في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن توجيهات الرئيس "خطوة إيجابية تُظهر اهتمامه بالقطاعات المختلفة، لا سيما أن الفن له مكانة خاصة، ويعتبر قوة مصر الناعمة"، موضحاً أن الكثيرين -لا سيما الفنانين الذين لا يتقاضون أجراً كبيراً وأيضاً باقي العاملين في المجالات الفنية المختلفة- سوف يستفيدون بشكل كبير من تلك المبادرة.
ويوضح أن النقابات الفنيّة معنيّة بالتنفيذ، فمن المفترض أن كل نقابة من النقابات الثلاث (نقابة المهن التمثيلية، ونقابة السينمائيين، ونقابة الموسيقيين) لديهم بيانات كاملة لكل العاملين، بما في ذلك من هم بسن المعاش ولا يعملون، وبالتالي "يتعين على المسؤولين في النقابات الفنية التواصل مع الجهات الأخرى المعنيّة؛ من أجل توفير الرعاية الطبية والحماية التأمينية لجميع العاملين في المجال الفني، حماية لقوة مصر الناعمة".
ويلفت إلى أن الكثير من العاملين في المجال الفني بمختلف شرائحهم عندما يتقدم بهم العمر لا يعملون، وبالتالي هم في حاجة إلى معاش والحماية الاجتماعية، وبشكل خاص الفنانين الذين يتقاضون أجوراً ضعيفة "لا يجب أن ننظر فقط للنجم الذي يتقاضى الملايين في العمل، فهناك فنانون يتقاضون مبالغ زهيدة في مختلف الفئات ويحتاجون إلى تلك الحماية".