بعد أن أمضى أكثر من 40 عاماً على رأس أقدم الكنائس المسيحية، رحل البابا شنوده بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية عن عمر يناهز 88 عاماً، أمضى معظمها في خدمة وطنه مصر والكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
ولعب البابا شنوده، الذي قال "مصر ليست وطنا نعيش فيه بل وطنا يعيش فينا"، دوراً رئيسياً في المشهد السياسي المصري طوال العقود الخمسة الأخيرة.
البابا شنوده الذي انتخب عام 1971 على رأس الكنيسة القبطية، رفض الذهاب مع الرئيس الراحل أنور السادات إلى إسرائيل عام 1977 وعارض اتفاقية كامب ديفيد، وحرم على أبناء رعيته الحج إلى القدس ما دامت تحت الاحتلال.
ودفعت مواقفه هذه بالرئيس السادات إلى عزله عام 1981 من منصبه، ووضعه قيد الإقامة الجبرية في وادي النطرون، وكلف 5 أساقفة بإدارة شؤون الكنيسة.
في أكتوبر 1981، قتل السادات في حادث المنصة، وكان على البابا شنوده الثالث أن ينتظر حتى العام 1985 لاستعادة منصبه بمرسوم موقع من الرئيس المصري الجديد حسني مبارك.
وظلت علاقات البابا شنوده بالرئيس السابق حسني مبارك وحكوماته جيدة، ورفض البابا مشاركة الأقباط في الثورة التي أسقطت مبارك، لكنه بارك نجاح الاحتجاجات الشعبية التي شارك فيها مسيحيون.
ولد البابا شنوده في قرية سلام بمحافظة أسيوط في جنوب مصر، وتوفيت والدته بعد ولادته بسبب حمى النفاس. وقال البابا كثيرا في حياته إن جارات مسلمات لأسرته أرضعنه بعد وفاة والدته.
وخدم البابا شنوده، الذي حمل في الأصل إسم نظير جيد روفائيل في القوات المسلحة المصرية برتبة ضابط احتياط.
وعمل البابا شنوده صحفياً، وكان يقرض الشعر ويحفظه، وكانت ثقافته الإسلامية واسعة.
ودرس في كلية الآداب جامعة فؤاد الاول (القاهرة حاليا)، وحصل على درجة في التاريخ عام 1947.
وفي السنة النهائية بكلية الآداب التحق بالكلية الإكليركية وتخرج فيها وعمل مدرسا للتاريخ.
وحضر فصولا مسائية في كلية اللاهوت القبطي وعمل مدرسا بها أيضا.
وعمل خادما بجمعية النهضة الروحية التابعة لكنيسة العذراء مريم بمنطقة مسرة في القاهرة، وطالبا بمدارس الأحد، ثم خادما بكنيسة الأنبا أنطونيوس بحي شبرا في القاهرة في منتصف الأربعينيات.
وتم ترسيمه راهبا باسم أنطونيوس السرياني عام 1954 ومن عام 1956 إلى عام 1962 عاش حياة الوحدة في مغارة. وبعد سنة من رهبنته تم ترسيمه قسا. وأمضى 10 سنوات في الدير دون أن يغادره.
وعمل سكرتيرا خاصا للبابا كيرلس السادس في عام 1959.
وتم ترسيمه أسقفا للمعاهد الدينية والتربية الكنسية، وكان أول أسقف للتعليم المسيحي وعميدا الكلية الإكليريكية في 30 من سبتمبر 1962.
وعندما توفي البابا كيرلس في 1971 اختير شنودة للجلوس على كرسي البابوية في الكاتدرائية المرقسية الكبرى بالقاهرة، ليصبح البابا رقم 117 في تاريخ البطاركة.