تحاصر الأوبئة والأمراض المعدية أكثر من 11 مليون سوداني يعيشون في العاصمة الخرطوم، وعدد من المناطق المتضررة بموجة الفيضانات العارمة التي اجتاحت البلاد مؤخرا.
يأتي ذلك وسط نقص حاد في المستشفيات والمعينات الطبية، وضعف كبير في الاستجابة الدولية والمحلية، بحسب نقابة أطباء السودان.
ووصل معدل الإصابات بأمراض مثل الملاريا والتايفويد إلى أكثر من 50 في المئة من السكان في بعض المناطق مثل جنوب الخرطوم والأحياء الواقعة بمنطقة شرق النيل في العاصمة.
أرقام متضاربة
وتتضارب التقديرات حول الأرقام الحقيقية للإصابات، ففي حين يشير تقرير حديث صادر عن وزارة الصحة إلى 8350 إصابة بالكوليرا على مستوى البلاد، تقول منظمات طوعية إن الرقم الحقيقي قد يصل إلى ثلاثة أضعاف ما هو معلن.
وأكدت غرفة طوارئ منطقة الخرطوم بحري رصد أكثر من 4 آلاف حالة بالاسهالات المائية.
وتعاني بعض الأحياء في الخرطوم مثل منطقة بري من تفشي حاد لحمى الضنك والملاريا، وسط تحذيرات لجان طوعية في المنطقة من مخاطر تهدد حياة الآلاف في ظل صعوبة الوصول إلى المستشفيات والنقص الحاد في الأدوية والمحاليل الطبية والمخاطر الكبيرة التي تواجه الكوادر الطبية بسبب القصف المستمر.
نقص حاد
وقد أدى القتال المستمر بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023 إلى توقف 80% من المستشفيات والمرافق الصحية في البلاد وسط نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية والمحاليل الوريدية.
وحذرت منظمة الصحة العالمية من الانهيار المتسارع في القطاع الصحي في البلاد، مع استمرار قصف المستشفيات والمخاطر الكبيرة التي تواجهها الكوادر الطبية خصوصا في مناطق القتال الذي شمل نحو 70 في المئة من مساحة البلاد.
وأكدت نقابة أطباء السودان وفاة أعداد كبيرة من السودانيين نتيجة الظروف السيئة لواقع الخدمات الصحية بعد الحرب.
وقالت رئيسة النقابة هبة عمر، إن 15 مليون سوداني يفتقرون إلى الرعاية الصحية، ويواجه أكثر من 11 مليون منهم تحديات في الحصول على الرعاية الطبية.
الأطباء يكافحون
ويعمل الأطباء والكوادر الصحية في ظروف صعبة للغاية، و"يصارعون بؤس الواقع"، في ظل نزاع شرس لا يحترم القوانين والمواثيق الدولية المتعلقة بتحييد المرافق الصحية أثناء النزاعات والحروب.
وأوضحت نقابة الأطباء أن "الأطباء والعاملون في المجال الصحي وفي غرف الطوارئ في مختلف مناطق السودان، الحضرية و الريفية، يتعرضون للملاحقات والتعذيب والاعتقال والاغتيال".
ومنذ اندلاع القتال وحتى الآن قتل أكثر من 70 من العاملين في مجال الصحة. كما تم قصف أكثر من 60 مرفق صحي وسجل وما يزيد عن 400 اعتداء على المرافق الصحية.
معاناة الأطفال
وينعكس انتشار الأوبئة بشكل أكبر على الفئات الضعيفة، خصوصا الأطفال.
ووفقا لتقارير الأمم المتحدة، يعاني نحو 730 الف طفل من سوء التغذية الحاد وازدياد معدلات الوفاة بسبب الجوع وسوء التغذية.
وتشير التقديرات إلى وفاة طفل كل ساعتين في معسكرات النازحين وشخص بالغ يوميا من كل 10 الف مواطن وتتضاعف كل تلك الأوضاع المأساوية بسبب اتساع رقعة الأمراض والأوبئة.
ويتفاقم الوضع أكثر في ظل انهيار النظام الصحي بالكامل في 13 ولاية، وبشكل جزئي في الولايات الخمس المتبقية.
استجابة ضعيفة
ويرسم متطوعون وعاملون في مجال تقديم الخدمات الإنسانية صورة قاتمة للأوضاع في المناطق التي شهدت انتشارا واسعا للأمراض والأوبئة بعد انحسار موجة الفيضانات، مشيرين إلى ضعف الاستجابة الدولية والمحلية.
ووفقا للمدير التنفيذي في منظمة بناء للسلام والتنمية المستدامة الطوعية، حنان حامد ادريس، فإن الوضع في المناطق المتضررة مأساوي للغاية، مشيرة إلى أن المنظمات الطوعية تواجه صعوبات كبيرة للوصول إلى المحتاجين للدعم الصحي والإنساني.
وقالت إدريس لموقع "سكاي نيوز عربية": "المساحات المتضررة واسعة جدا، نبذل قصارى جهدنا للوصول إلى الأماكن التي يمكن الوصول إليها لإنقاذ حياة الناس هناك".
وتضيف "الاستجابة للاحتياجات الإنسانية أقل من المطلوب بكثير، لذلك تتزايد المخاوف من ارتفاع عدد الضحايا خصوصا في ظل انتشار العديد من الأمراض المعدية والنقص الحاد في المستشفيات والمعينات الطبية".
وقال المتحدث باسم نقابة أطباء السودان لموقع "سكاي نيوز عربية": إن "الاستجابة الدولية ضعيفة جدا ولا تتناسب وحجم الكارثة الصحية التي تعيشها البلاد".
وأضاف أن "وزارة الصحة لم تقم بالإجراءات الوقائية المطلوبة، والفرق الصحية العاملة على الأرض تعاني من قلة المعينات والأدوية والمحاليل الوريدية وصعوبة التحرك".