في هجوم منسق في جميع أنحاء لبنان وأجزاء من سوريا، انفجرت مئات آلاف من أجهزة النداء (البيجر) التي يستخدمها عناصر حزب الله اللبناني في وقت واحد يوم الثلاثاء، في عملية هوليودية تطرح سؤالا عن التوقيت.
فقد اتسع نطاق الحرب متعددة الجبهات التي تشنها إسرائيل لتشمل ليس فقط حماس في غزة، بل إيران ومحورها الذي يتضمن حزب الله.
ويتساءل الكثيرون: لماذا الآن؟ هل هناك أهمية أكبر لتوقيت الهجوم؟
تقول إسرائيل إن منع هجمات حزب الله هو من بين أهدافها الحربية، رغم التحذيرات الأميركية من عملية أوسع قد تؤدي إلى حرب إقليمية شاملة.
وبحسب تقرير لمجلة فورين بوليسي الأميركية، قد يكون هجوم أجهزة البيجر هذا بمثابة البداية لحملة عسكرية إسرائيلية طويلة الأمد ضد حزب الله في لبنان، أو قد يكون مجرد عملية سرية أخرى فيحرب الظل الطويلة بين إسرائيل ووكلاء إيران. كما أن هناك احتمال أن الإسرائيليين نفذوا العملية لأن هناك حدًا زمنيًا قبل اكتشافها.
إعادة بناء سمعة الموساد
قد يساعد هذا الهجوم وكالة المخابرات الإسرائيلية "الموساد" في إعادة بناء سمعتها التي تعرضت لضربة كبيرة بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 على إسرائيل. عملية أجهزة النداء نفسها تبدو وكأنها مقتبسة من رواية تجسس، وهناك العديد من الفرضيات التي تدور حول كيفية تنفيذ الموساد لهذه العملية الضخمة والدرامية. لا نعرف بعد ما إذا كانت القنابل قد زُرعت في مرحلة التصنيع أو ما إذا تم اختراق سلسلة التوريد في مرحلة أخرى من العملية.
واعتمد حزب الله على وسائل اتصال قديمة مثل أجهزة النداء، ربما معتقدًا أنها كانت بعيدة عن متناول الهجمات السيبرانية الإسرائيلية. بعد هجوم 7 أكتوبر، حاول عناصر حزب الله تجنب استخدام الهواتف المحمولة، حيث حث الأمين العام للحزب حسن نصر الله المقاتلين على استخدام طرق بديلة للتواصل.
وبحسب تقرير فورين بوليسي، فالهجوم كان منظمًا بدقة، ونُفذ بتخطيط دقيق واهتمام بالتفاصيل. بالإضافة إلى التأثير الفوري للهجوم، فإن القدرات التي تم إظهارها ستجعل حزب الله أكثر توترًا وغير متأكد مما قد يفعله الموساد بعد ذلك.
ومن المرجح أن يرد حزب الله على هذا الهجوم من خلال مراجعة شاملة لجهازه الأمني الداخلي، حيث سيقوم بمراجعة الثغرات في أمان عملياته ومحاولة تحسين تدريب أعضائه. قد يتضمن ذلك حتى حملة تطهير داخلية للبحث عن عملاء مزدوجين، وهو ما قد يؤدي إلى سفك دماء داخلي في الحزب – وهو مكسب إضافي لعملاء إسرائيل.
لماذا الآن؟
إحدى الدوافع وراء هجوم أجهزة النداء، كما كان الحال مع اغتيال القيادي السياسي في حماس إسماعيل هنية في طهران في أواخر يوليو، هي أن الموساد مصمم على إعادة بناء صورته. قبل هجوم 7 أكتوبر، كانت المخابرات الإسرائيلية تتمتع بسمعة شبه خارقة، وغالبًا ما يُعاد سرد إنجازاتها الأسطورية في أفلام الجاسوسية الشهيرة مثل فيلم ميونيخ لستيفن سبيلبرغ وسلسلة فوضى الشهيرة على نتفليكس. حتى الآن، قُتل نائب رئيس المكتب السياسي لحماس صالح العاروري في بيروت في يناير، وقائد رفيع في حزب الله فؤاد شكر في بيروت في يوليو، بالإضافة إلى هنية بعد ذلك بوقت قصير.
إلى جانب تحسين صورة الموساد، كان لهذه العمليات السرية الإسرائيلية تأثير عملي كبير. فقد تم تدمير القيادة والسيطرة الخاصة بحزب الله، مما تسبب في مشاكل كبيرة في اتصالاته على المدى القصير. بالإضافة إلى ذلك، أصيب مئات من مقاتلي حزب الله يوم الثلاثاء، ومن بينهم بعض الذين سيتعرضون لإعاقات طويلة الأمد.
من المتوقع أن تأخذ الميليشيات المدعومة من إيران في اليمن والعراق وسوريا وغيرها احتياطات أكبر الآن. يمكن أن يؤدي هذا إلى تغيير طريقة تواصل هذه الجماعات مع بعضها البعض، مما قد يؤثر بشكل مباشر على التنسيق ويعيق قدرتها على شن هجماتها.