يعد قطاع التكنولوجيا الفائقة من القطاعات الحيوية في الاقتصاد الإسرائيلي، ويحظى بنسبة كبيرة من الاستثمارات، كما يسهم بشكل فاعل في الناتج المحلي الإجمالي والتنمية الاقتصادية.
ووفقاً لبيانات بنك إسرائيل، يشكل هذا القطاع نحو 16 بالمئة من إجمالي العمالة، وأكثر من نصف صادرات إسرائيل، وثلث ضرائب الدخل، ونحو خمس الناتج الاقتصادي الإجمالي.
يتعرض هذا القطاع الحيوي لتحديات عديدة؛ بما في ذلك الظروف السياسية والأمنية الدائرة في المنطقة، خاصة منذ بداية الحرب في غزة في السابع من شهر أكتوبر 2023، وما دفعت به من توترات أمنية متزايدة تؤثر بشكل مباشر على استقرار عديد من القطاعات الاقتصادية.
ومع ذلك، فإن الشركات الناشئة في قطاع التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل تظل قادرة على جذب الاستثمارات –وإن كان ذلك يتم بوتيرة أبطأ نسبياً- مما يبرز مرونة وإمكانات القطاع على الرغم من التحديات الراهنة.
الشركات الناشئة
بحسب تقرير حديث صادر عن شركة ستارتب نيشن SNC ، فإن:
- الشركات الإسرائيلية الناشئة في مجال التكنولوجيا الفائقة لا تزال تجمع الأموال على الرغم من الحرب الدائرة في غزة "لكن بوتيرة أبطأ قليلاً".
- منذ بداية الحرب في السابع من شهر أكتوبر، كانت هناك 220 جولة استثمارية خاصة.. تم جمع 3.1 مليار دولار منها، حسبما ذكرت المنظمة غير الربحية.
- شركات التكنولوجيا الأمنية تمثل ثلث تلك الأموال.
ووفق التقرير، فقد جمعت شركة Next Insurance أعلى مبلغ لشركة واحدة بقيمة 265 مليون دولار من صندوقين أجنبيين لرأس المال الاستثماري، وفق رويترز.
وفي الربعين الثاني والثالث من العام الماضي 2023 ، بلغ جمع الأموال 4.3 مليار دولار في 330 جولة.
إسرائيل والدعم الأوروبي
من جانبه، يؤكد مستشار المركز العربي للدراسات والبحوث، أبو بكر الديب، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن:
- قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي مبني على استثمارات وأبحاث وتعاون استراتيجي مع الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، ولذلك استطاع تجنب مزيد من الخسائر خلال فترة الحرب.
- تنفق إسرائيل نحو 4.3 بالمئة (من الناتج المحلي) على قطاع التكنولوجيا والبحث العلمي.
- إسرائيل لديها بنية أساسية كبيرة ومهمة عملت عليها خلال السنوات الأخيرة؛ لتنشيط هذا القطاع ليكون قوياً ومرناً ومقاوماً للصدمات.
- أغلب الاستثمارات التي تُضَخ في هذا المجال هي استثمارات من حلفاء استراتيجيين مثل الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، وهذه الدول لم تغير علاقاتها بإسرائيل بشأن الحرب مع قطاع غزة، وما زالت مستمرة في ضخ استثماراتهم داخل تل أبيب.
- رجال الأعمال الذين يشاركون في دعم هذا القطاع مؤمنون بإسرائيل ويدعمونها بشكل كبير، وربما زادوا من استثماراتهم خلال الحرب دعماً لها.
لكنه يشير في الوقت نفسه إلى أن الحرب أثرت على قطاعات عدّة في إسرائيل، وبسبب تراجع العمالة، حيث كان يعمل بإسرائيل نحو 200 ألف عامل فلسطيني بجانب العمالة التايلندية، وعمالة القطاع الزراعي التي كانت تعمل في المستوطنات جنوب لبنان.
بالعودة لتقرير SNC المشار إليه، فإنه يلفت إلى أن:
- قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي لا يزال قوياً على الرغم من التحديات مثل انخفاض القوى العاملة.
- تم تجنيد حوالي 15 بالمئة من العاملين في مجال التكنولوجيا في الخدمة العسكرية الاحتياطية، مع وجود فجوات في التمويل للشركات الناشئة الصغيرة.
ونقلت رويترز عن الرئيس التنفيذي لشركة SNC، آفي حسون، قوله في بيان: "مع التقييمات الجذابة وإمكانات النمو الكبيرة، يُظهر النظام البيئي التكنولوجي الإسرائيلي مرونة مميزة".
وتوقع حدوث موجة جديدة من الابتكار والفرص للقطاع بعد الحرب.
وقالت SNC إن:
- نشاط الاندماجات والاستحواذات منذ 7 أكتوبر كان قويًا أيضًا حيث بلغ إجماليه 3.7 مليار دولار، مع صفقتين تضمان ما يقرب من مليار دولار وتسعة صفقات أخرى تزيد قيمتها عن 100 مليون دولار.
- ومن بينها Talon Cyber Security، التي اشترتها شركة Palo Alto Networks مقابل 625 مليون دولار في نوفمبر 2023.
- كما استحوذت Palo Alto أيضًا على Dig Security مقابل 350 مليون دولار في الشهر السابق.
وفي الربعين الثاني والثالث، بلغ إجمالي نشاط الاندماج والاستحواذ 1.4 مليار دولار.
جذب التمويلات وصناعة الابتكار
في سياق متصل، يقول أخصائي التطوير التكنولوجي، هشام الناطور، إن القطاع التكنولوجي في إسرائيل قادر على جذب التمويلات رغم الأوضاع السياسية المتقلبة والآراء المتفاوتة بين الدول الداعمة لها.
ويشير في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إلى حجم التمويلات التي جمعتها الشركات الإسرائيلية الناشئة في قطاع التكنولوجيا الفائقة موضحاً في الوقت نفسه أن:
- هناك عديداً من العوامل التي ساعدت في جمع التمويلات؛ أولها تمتع إسرائيل بالصناعة القوية، والاهتمام بصناعة الابتكار والتكنولوجيا.
- تضع إسرائيل كماً هائلاً من أرباحها في قطاعات التطوير والتكنولوجيا والابتكار، مما يُعزز مكانتها التكنولوجية بين الدول، وهو أمر يساعد في جذب الكثير من التمويلات.
- وجود شركات عالمية في إسرائيل مثل "غوغل وفيسبوك وأمازون" وغيرها من الشركات الرائدة والعالمية والناشئة.
- وجود جامعات قوية مثل معهد إسرائيل للتكنولوجيا "التخنيون"، حيث يتمتع بالسمعة القوية في مجال الريادة التكنولوجية.
- مرونة تعامل الشركات التكنولوجية.
تحديات
لكنه يوضح في الوقت نفسه أن ثمة مجموعة من التحديات التي تواجه إسرائيل، من وضع أمني غير مستقر، وارتفاع كلفة المعيشة والهجرة من جانب المواطنين الإسرائيليين.
ويشدد على أن نقص العمالة وحملات المقاطعة التي نالت عديداً من الشركات من العوامل التي أثرت بشكل طفيف على الاستثمارات في هذا القطاع، لافتاً إلى أن إسرائيل لا تزال واجهة جاذبة للمستثمرين في مجال التكنولوجيا على الرغم من التحديات التي تواجهها.
ويتوقع الناطور جذب المزيد من الاستثمارات في هذا المجال عن طريق التعليم والتدريب لخلق المزيد من الفرص للشباب الإسرائيلي لبث شعور الاطمئنان في أنفسهم، إلى جانب جذب المواهب من خلال تقديم حوافز وبرامج وتأشيرات خاصة في هذا الأمر، بالإضافة تعزيز التعاون الدولي، خاصة أن قطاع التكنولوجيا يعمل للتغلب على المشكلات والتحديات التي تواجه.
قطاع التكنولوجيا في إسرائيل
ونما قطاع التكنولوجيا في إسرائيل بسرعة على مدى العقد الماضي، ويمثل ما يقرب من نصف إجمالي الصادرات وخُمس الناتج الاقتصادي.
- هيئة الابتكار الإسرائيلية تمتلك 100 مليون دولار من الأموال الحكومية لدعم شركات التكنولوجيا، لا سيما الشركات الناشئة التي فقدت التمويل.
- شهد القطاع دفعة قوية مع الإعلان قبل نهاية العام الماضي عن أن شركة إنتل العملاقة لأشباه الموصلات ستمضي قدما في استثمار مخطط له بقيمة 25 مليار دولار لتوسيع مصنع للرقائق في جنوب إسرائيل، بعد حصولها على منحة بقيمة 3.2 مليار دولار من الحكومة.
- بدأت الهيئة –بعد وقت قصير من اندلاع الحرب- حملة ترويجية لتعزيز الثقة في شركات التكنولوجيا الإسرائيلية، على الرغم من الحرب.