شكلت المتاجر الموسمية الصغيرة المنتشرة على أرصفة الشوارع العامة في العاصمة الخرطوم والمدن السودانية الأخرى متنفسا للموظفين وأصحاب الدخل المحدود، ومكنتهم من تلبية احتياجات العيد لأسرهم بأسعار زهيدة نسبيا مقارنة مع الأسواق والمحال التجارية القائمة.
ويجد الكثير من السودانيين صعوبة بالغة في توفير احتياجات العيد الأساسية من ملابس وأحذية وغيرها والتي ترتفع أسعارها بشكل كبير، إذ تأتي 80 في المئة منها من الأسواق الخارجية.
وتؤكد فاطمة سعيد التي كانت تتجول لشراء ملابس العيد لأطفالها الثلاثة وسط مجموعة من المتاجر الصغيرة المؤقتة المنتشرة في شارع رئيسي محاذ لأحد أرقى إحياء الخرطوم؛ إن السلع المعروضة هنا تتميز بجودة عالية وأسعار أقل كثيرا من أسعار الأسواق والمتاجر العادية.
وتقول فاطمة سعيد التي تعمل في وظيفة ذات دخل عالي نسبيا إنها ظلت لأكثر من ثلاثة أيام تجوب الأسواق بحثا عن ما يناسب أبناؤها، لكنها كانت تصطدم دائما بعقبة السعر، فتعود خالية الوفاض؛ إلى أن دلتها إحدى صديقاتها إلى أسواق الرصيف هذه.
وتوضح لموقع سكاي نيوز عربية إنها لاحظت اجتذاب هذه الأسواق لمعظم شرائح المجتمع بما في ذلك الأثرياء وأصحاب الدخل العالي نظرا لجودة السلع المعروضة التي تضم في بعض الأحيان ماركات عالمية شهيرة.
وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها السودان وانخفاض الأجور والقيمة السوقية للعملة الوطنية حيث يتم تداول الدولار الواحد عند متوسط 570 جنيها تكون قيم السلع خصوصا المستوردة منها فوق طاقة المستهلك العادي.
ويوضح محمود وهو موظف بإحدى الشركات حول سيارته الصغيرة إلى متجر متحرك في أحد الشوارع الرئيسية الرابطة بين جنوب وشمال الخرطوم؛ أن الأمر بالنسبة له يحقق هدفان يتمثل الأول في استثمار أوقات المساء لزيادة دخله، كما أنه يساعد الآخرين على تقديم سلع ذات جودة عالية وأرخص نسبيا من المتاجر الثابتة.
ويقول محمود لموقع سكاي نيوز عربية إن معظم شرائح المجتمع بما فيهم أصحاب الدخل العالي يفضلون البضائع المعروضة على المتاجر المتحركة في الأرصفة لأنها تكون في غالب الأحيان بضائع منتقاة وبأسعار أقل نسبيا.
وعن سبب بيعها بأسعار أقل رغم جودتها العالية يشير محمود إلى أن معظم هذه السلع يجلبها ما يعرفون ب "تجار الشنطة" الذين يأتون بكميات قليلة من البضائع من أسواق دبي أو اسطنبول أو المدن الهندية والآسيوية ولا يتحملون تبعات ضريبية أو جمركية ورسوم تشغيل عالية، مما يمكنهم من بيع بضائعهم بأسعار أقل.
وتعاني الأسواق السودانية من ارتفاع كبير ومتواصل في تكاليف التشغيل مما ينعكس سلبا على أسعار السلع التي تصل معظمها للمتاجر بتكلفة عالية بسبب ارتفاع أسعار الشحن والرسوم الجمركية.
وفيما ارتفعت فاتورة الكهرباء بأكثر من 5 أضعاف؛ فرضت الحكومة مؤخرا زيادات كبيرة في رسوم الخدمات والعوائد.
ووفقا لسمير وهو تاجر يمتلك محلا كبيرا لبيع الملابس والأحذية في أحد أسواق الخرطوم الرئيسية، فإن الإقبال على المتاجر تراجع كثيرا بسبب الفارق الكبير في الأسعار مقارنة مع المتاجر الجوالة او المؤقتة.
ويؤكد سمير لموقع سكاي نيوز عربية إن معظم أصحاب المتاجر لا يعمدون إلى رفع الأسعار ويدركون الأضرار الناجمة عن انخفاض مستوى المبيعات؛ لكنه يشير إلى أن هامش تخفيض الأسعار بالنسبة لأصحاب المتاجر يكون عادة قليل جدا نظرا لارتفاع تكاليف الاستيراد والتشغيل.
وارتفعت قيمة التعرفة الجمركية لمعظم السلع بنسب كبيرة للغاية حيث أصبحت قيمة الدولار الجمركي تقاس بسعر الصرف الحالي في البنوك بعد أن كان يحسب على أساس 18 جنيها للدولار.
ومما زاد من أعباء الاستيراد فرض بعض شركات الشحن ضريبة مخاطر تصل إلى ألفي دولار بسبب حالة عدم الاستقرار وإغلاق الميناء الرئيسي في البلاد لفترة طويلة خلال العام الحالي.
وتتأثر القطاعات التجارية بشكل ملحوظ بارتفاع تكاليف الخدمات، وتلجأ بالتالي إلى زيادة أسعار السلع من أجل التأقلم مع الواقع الجديد.
ووفقا لتجار ومستوردين، فقد ارتفعت رسوم الموانئ بأكثر من 300 في المئة؛ كما تضاعفت رسوم أرضيات الموانئ 4 مرات تقريبا؛ إضافة إلى ارتفاع رسوم شحن الحاويات بنحو 500 في المئة من بعض الموانئ مثل الموانئ الصينية.