أمر تغير بمرور الأيام، ففي كل استطلاع جديد للرأي تزداد نسبة مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتزداد قوة الحملة الداعمة له، خاصة أن اثنين من أقطاب حزب المحافظين الحاكم الذي يرأسه كاميرون يدعمان الحملة، ويشاركان فيها، هما بوريس جونسون عمدة لندن السابق، ووزير العدل مايكل غوف.

ربما لهذا غير كاميرون وفريقه من سياسات الحملة، فبدلا من الحديث عن مزايا البقاء في الاتحاد الأوروبي ومنافعه على البريطانيين، أشهر كاميرون سلاح التخويف من عواقب الخروج.

جورج أوزبورن وزير المالية تحدث عن زيادة للضرائب تتجاوز الـ30 مليار جنيه إسترليني، وخفض لميزانية الدفاع والتعليم والرعاية الصحية لا يقل عن مليار جنيه لكل منهم.

وانضمت الشركات والبنوك أيضا لاستخدام هذا السلاح. تحذيرات من خفض الاستثمارات وانهيار قيمة الإسترليني، وارتفاع أسعار السلع الغذائية وتعريفة استخدام الهواتف المحمولة.

كلها أمور تمس حياة المواطن العادي وترتبط به بقوة.. أمر بالطبع ترفضه حملة الخروج التي تؤكد أن كل ذلك يقوم على مغالطات وأن المكاسب التي سيجنيها البريطانيون من مغادرة الاتحاد الأوروبي أكبر بكثير من كل ذلك، خاصة أن الخروج سيوفر على بريطانيا مئات المليارات تدفعها للاتحاد الأوروبي سنويا.

ولا بأس من اللجوء للتخويف أيضا. فحملة الخروج تتحدث عن الأرقام المتزايدة من المهاجرين من دول الاتحاد الأوروبي والعبء الذي يمثلونه على الاقتصاد البريطاني باستغلالهم لنظام الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، دون أن تملك الحكومة تخفيض أعدادهم أو الحد منها.

إذا فهي حالة من التوتر وعدم وضوح الرؤية يعيشها الناخب البريطاني، لا يمكن حسمها بشكل كامل، لكن المؤكد أن خوف كاميرون من الخروج أكبر من خوف أي بريطاني آخر، لأنه يعني ببساطة نهاية مستقبله السياسي، حيث سيضطر كما يرى كثير من المحللين إلى الاستقالة من زعامة الحزب وبالتالي الاستقالة من رئاسة الوزراء، ما يفتح الباب أمام جونسون أو غوف للتنافس على هذا المنصب، وربما يمهد لانتخابات برلمانية مبكرة في بريطانيا، قبل نهاية العام الحالي أو مطلع العام المقبل.

وعلى أي حال، فإن هذا التوتر ليس في بريطانيا وحدها بل تنتاب الخشية دولا أوروبية عدة، لأن خروج بريطانيا من المنظومة الأوروبية حتى لو كانت عضوا مزعجا وكثير المطالب، فإنه يهدد المنظومة كلها، لأن دولا أخرى قد تحذو حذو بريطانيا وتفكر في الخروج أو الحصول على مكاسب أكبر من وراء التهديد بالخروج، وهو ما يمهد لانهيار الاتحاد الأوروبي بأكمله.

زلزال سياسي إذا لو صوت البريطانيون لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، لكن كثيرين يعولون على أنهم سيصوتون لصالح البقاء، وبالتالي لن يكون هناك أي تغيير كبير سواء على الساحة السياسية الداخلية في بريطانيا أو على الصعيد الأوروبي نفسه.