وكان لافتا أن تقاطعت الوكالة في هذا الشأن مع تصريحات مديرة صندوق النقد الدولي التي تمنت الا يضطر العالم واقتصاده حتى اللحظات الأخيرة من أجل أن يتوصل بايدن إلى حل لازمة سقف الدين الأميركي.

بداية فإن سقف الدين العام الأميركي يقصد به الحد الأعلى والاقصى لذلك المبلغ الذي يمكن للحكومة الأميركية اقتراضه لسداد التزاماتها المالية وبمجرد الوصول إلى الحد الأقصى لا تستطيع وزارة الخزانة الأميركية إصدار المزيد من السندات وفي تلك الحالة أن وصل الأمر إلى التخلف عن سداد السندات فسيتم تقليص الانفاق الحكومي بشكل تلقاني وسترتفع العوائد على سندات الخزانة الأميركية وستتأثر العملة ويحدث الانكماش للناتج المحلي وكذلك فإن سقف الدين الحكومي الأميركي يتجاوز اليوم حاجز الـ31 ترليون دولار.. وهو، أي الدين الأميركي، يشبه في وصفه استخدام بطاقات الائتمان للمشتريات دون تسديد الرصيد الكامل شهريا مما يكون معه عجزا متراكما يوما بعد يوم، لكن الأهم من وصف الدين هو تأثيره على اقتصاد العالم فاقتصاد العالم اليوم مضطرب ويعاني من مشاكل كثيرة ولا شك أنه في غنى عن أزمة سقف الدين العام الأميركي فالتضخم قد بلغ ذروته في الكثير من الدول بسبب رفع معدلات الفائدة من قبل المصارف المركزية.

وهنا يرد التساؤل.. هل نحن أمام حدث جديد لم يسبق للولايات المتحدة أن واجهته؟ اقول هنا أنه لا يغيب عن البال أن دين الولايات المتحدة كان لسنوات عديدة أكبر من الناتج المحلي ففي فترة الرئيس ريغان مثلا كان هناك ركود كبير.. وعلى الدوام كانت الديون الأميركية تتمثل في السندات واذون الخزانة التي تصدرها الحكومة الأميركية لتمويل الموازنة الخاصة بها.

وفي حالتنا اليوم فإن الساسة الديمقراطيون في معظمهم يرون أن التخلف عن سداد الدين العام لا يمكن أن يكون خيارا وأن طالب بعضهم الرئيس بايدن بالتنازل للجمهوريين لخفض الانفاق الحكومي.. أما أن تخلفت الولايات المتحدة عن سداد ديونها فسيكون لذلك تأثير بالغ على المجتمع الأميركي ككل بدءا من الجمعيات الخيرية وصولا الى معاشات المتقاعدين وليس انتهاء بأموال الشركات وبالطبع حدوث انكماش وارتفاع للتضخم وزيادة البطالة وفقدان ملايين الوظائف.

فهل يلجأ الرئيس بايدن إلى المادة 14 في الدستور ويرفع بموجبها سقف الدين بالقوة عبر تجميد السقوف الراهنة للإنفاق وزيادة الضرائب على الشركات.

اليوم بالقرب من الكونغرس حمل إلى أحد النواب خبرا سارا من وجهة نظره حيث جمعنا عشاء مع بعض أقطاب الطائفة اليهودية التي شاركت في احتفالية للتراث داخل الكونغرس...ذلك الخبر مفاده أن مشروع قانون سيصدر خلال الساعات المقبلة هو أقرب إلى اتفاقية محدودة الصفحات والأرقام البيانية تحوي الأرقام الأعلى للإنفاق التقديري والعسكري مع وضع متفرعات لمحادثات مستقبلية حول الميزانية بدون إنفاق تفصيلي.

بمعنى آخر استطيع أن أؤكد أنه وبالقرب هنا من الكابيتول يكثر الحديث خلال هذه الساعات والدقائق عن أن الرئيس الأميركي على وشك التوصل مع رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي على اتفاق مبدئي سيرفع سقف الدين العام لمدة عامين وسيحد من الانفاق الفيدرالي لكنه سيستثنى ما يتعلق بالقطاع العسكري ولازال الجميع يضع يده على قلبه في انتظار الإعلان عن هذا الاتفاق قبل الأول من حزيران/يونيو وهذا الاتفاق أن أعلن فسيكون اتفاق (اللاغالب واللامغلوب )حيث سيعتبر الجمهوريون أنهم قلصوا الانفاق وسيرى الديمقراطيون أنهم ابقوا على دعمهم للبرامج الخاصة بالمساعدات الداخلية.

إذا لم يحدث ما سبق ففي الغالب الأعم سيلجأ الرئيس بايدن إلى المادة 14 في الدستور والتي يرفع بموجبها سقف الدين بالقوة عبر تجميد السقوف الراهنة للإنفاق وزيادة الضرائب على الشركات.. وأن حدث ذلك فسيرد.

التساؤل المنطقي: هل كان كل ما سبق خلال الأشهر الماضية هو لعبة سياسية بين الجمهوريين والديمقراطيين.. الإجابة في رأيي.. "لا".. فلا الاقتصاد الأميركي هو في احواله العادية.. ولا العالم يتحمل اي تبعات لتعثر قد يعاني منه أكبر اقتصاد في العالم.