قبلها حملت الأخبار تصريحاً بطلب القوات المسلحة الأميركية من السعودية تحديد قواعد عسكرية بديلة لإعادة انتشارها، في حال استمات الـ"كاميكازي" الإيراني في سياسة حافة الهاوية وسقط فعلياً من على حافتها بهجومه على برميل البارود الإقليمي أينما كان، خاصةً في قواعد قطر.

هذه الأهمية للتعاون العسكري مع السعودية، وبالذات أثناء تصديها للحوثيين وإرث "عفاش" في اليمن، لها فائدتان: الأولى هي دعوة لعرض القوات الأميركية تولي مسؤولية إسقاط كل مقذوف موجه إلى هدف سعودي من أي جهة واتجاه؛ والثانية هي عمل جرد للذخائر والمقذوفات الهجومية والدفاعية، وما يمكن للتصنيع العسكري السعودي إجراءه من تعديلات على المنصات الأرضية والنقاط الساخنة على الطائرات المقاتلة وطائرات النقل، لمطابقة إمكانية إطلاق هذه المقذوفات "غير الأميركية" من على متنها.

من شأن ذلك أن يحقق مفاجأة أكبر وأنفع من لعب إردوغان على حبلي باتريوت و"إس-400"، وأن يحقق منفعة تكتيكية بحجم المنفعة الاستراتيجية التي حققها المرحوم الملك فهد بقراره اقتناء صواريخ "رياح الشرق" من الصين.

من الضروري أن يبدأ الجرد في ترسانة المملكة فوراً، وأن يتم التنويع النوعي للمضادات والأسلحة الهجومية المنتشرة عند نقاط الصراع، والبديل إسرائيلي أو روسي أو صيني، فلا بأس من قيام الدولة الخامسة عالمياً في الإنفاق على التسلّح بتنويع سلتها الدفاعية، إذا لوّح أحد مزوديها بمساومتها سياسياً أثناء انشغالها بالدفاع عن نفسها، وابتزاز قيادتها السياسية معنوياً لتصفية حساب حزبي في الداخل الأميركي، وازدواجية استهداف انفتاحها وتنميتها بعد وصمها بالرجعية لعقود.

ليس أفضل من تحويل بعض الإنفاق بعيداً عن الخزينة الأميركية في هذا الوقت، فلغة المال هي عنصر استيعابها لفداحة المساومة أثناء الحاجة، وهذه الأخيرة عذر لإدارة الظهر نسبياً للرئيس الناشط activist president إلى أن يرعوي أو يأتي رئيس لاحق يضع الاعتبار للشؤون السيادية، وحتى حينئذ، لا يجب أن تعود السعودية بالكامل إلى سلة العتاد المسيس، ويكون شعارها المأمول على الدوام "خذ وطالب"، فلحجمها ودورها استحقاقات تواضعت أمداً طويلاً على حسابها.