ومع إقرار الاتحاد الأوروبي أيضا جملة عقوبات أولية قابلة للتجديد والتشديد في مارس المقبل على تركيا إثر سياساتها العدائية والتوسعية شرقي المتوسط ضد قبرص واليونان، وتأليبها على دول القارة العجوز وعلى رأسها فرنسا، ومحاولة تأجيج الصراعات بين العالمين الإسلامي والأوروبي والغربي عامة، وتنظيم حملة كراهية ضد أوروبا وما تبعها ونجم عنها من عمليات وهجمات إرهابية في كل من فرنسا والنمسا كانت البصماتُ الأردوغانية عليها واضحة لا لبس فيها.

هكذا يكتمل طوق العقوبات على أنقرة والتي يُعبر إقرارُها - رغم أنها أتت متأخرة بسبب معارضة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لفرضها - عن حقيقة أن السكوت أمام ما يمكن تسميته بالنزعة الفاشية الأردوغانية وانقلابها المبرم على قواعد اللعبة بات محالا من قبل عواصم القرار الدولية في الغرب.

قبيل فرض العقوبات الأميركية والأوروبية التصاعدية، وعلى وقع التغيير في البيت الأبيض، حاول الرئيس التركي المعزول والمأزوم التكويع والتذاكي وممارسة تكتيكات لامتصاص تصاعد النقمة العالمية / الأوروبية والإقليمية / العربية على سياساته الراعية للإرهاب والمهددة للسلم والأمن حول العالم، ليس من باب الاعتراف بالخطأ والتراجع عنه، بل من قبيل المكر والمراوغة ومحاولة تثبيت أمر واقع احتلالاته في غير بلد واحد عبر طرحه مساومات هنا ومقايضات هناك.

بيد أن تكويعات أردوغان وتقلباته تلك بدت وكأنها لعب في الوقت الضائع وقفزٌ في الفراغ، ذلك أن كم التناقض والانفصام الهائل في أقواله وأفعاله يؤكد عبثية ولا جدوى محاولاته للفكاك من فكي كماشة العقوبات الممتدة من واشنطن إلى بروكسيل.

إذ سرعان ما يعود للغة العنتريات الدونكيشوتية مدعيا أن بلاده لا تهاب العقوبات والمؤامرات، وستتحداها، وسترد بالمثل، وكأنه يمثل دولة عظمى تأمر وتنهى وتتحدى اللاعبين الكبار. فالرئيس التركي يبدو، والحال هذه، أنه قد انغمس تماما في هذيانه وتقمص دوره السلطاني ما أفقده البصيرةَ فبات يخبط خبط عشواء يمينا ويسارا.

هل تتذكرون صدام حسين؟!