فعلى عكس كل الرؤساء السابقين، وجد ترامب نفسه في حرب مفروضة عليه من منصات الإعلام التقليدي الكبرى، كما واجه أشرس المؤسسات التقليدية ومعظم لوبيات المصالح، وبالتالي فقد وطّد علاقته مع جمهوره بشكل شخصي، لأن هذا الجمهور هو الذي أوصله للبيت الأبيض عام 2016، ويطمح بأنه سيوصله مرة أخرى هذا العام.

ورغم متابعاتي لسباقات الرئاسة منذ سنوات، لم أشهد تفاعلا بين مرشح وجمهوره مثلما أشاهد بين ترامب وجمهوره، الذي استعصى تطويعه على منصات الإعلام المنحازة.

ويصح القول أن ترامب نجح بشكل مبهر في تدمير مصداقية منصات الإعلام المضادة له، عندما وصفها بالإعلام الكاذب، وهي لم تقصّر في إثبات ذلك للأسف الشديد.

وفي ذات الوقت، استغلت حملة بايدن جائحة كورونا لتواصل إخفاءه قدر الإمكان، فتحركاته محدودة ومع جمهور محدود، ولم يعقد مؤتمرا صحفيا منذ نهاية سبتمبر.

وسيتوقف المعلقون طويلا عند هذا الدلال الذي يحظى به بايدن من قبل منصات الإعلام، التي لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم عندما يتعلق الأمر بخطاياه، مثل تاريخه العنصري وعلاقاته مع أعضاء مجلس الشيوخ المؤيدين للفصل العنصري، وبالذات عضو منظمة الكلو كلوكس كلان السابق، الراحل روبرت بيرد، وإنجازاته المحدودة كسياسي عريق.

وأخيرا قضية ابنه هنتر وعلاقاته المشبوهة مع دول أجنبية، بما في ذلك الخصم الشرس الصين.

ويعجب المتابع من تجاهل منصات الإعلام لهذه القضية، بل والدفاع عن بايدن بالزعم أن وراء ذلك اختراق روسي، فخصومتهم الأيدولوجية مع ترامب ألقت بظلالها على التغطيات، التي لم تعد موضوعية، إذ تبدو هذه المنصات كجزء من حملة بايدن الانتخابية، ومن يتابع قنوات "إم إس إن بي سي" و"سي إن إن" يعرف تماما ما أقصد.

ومع حملات التشويش والتضليل الإعلامية والانقسام الحاد في المجتمع الأميركي، يتوقع أن تكون هناك مفاجآت تشبه مفاجأة فوز ترامب في 2016.

فعندما تشاهد استطلاعات الرأي لمنصات الإعلام المنحاز، تشعر أن النتيجة حسمت لبايدن، وهو ما لا يتواءم مع معطيات أخرى، أهمها أداء بايدن ذاته وتاريخه ووضعه الصحي، واختياره لنائبة يسارية بلا تاريخ سياسي يذكر، وكذلك نتائج استطلاعات الرأي لحسابات محايدة في السوشيال ميديا، والحماس الكبير لجمهور ترامب، وما أشارت إليه التقارير إلى أن هناك أعدادا كبيرة سجّلت هذا العام من أجل التصويت لترامب، كما في ولاية بنسلفانيا المتأرجحة والمهمة جدا، وولايات مهمة أخرى.

ولا يمكن الاستهانة بازدياد شعبية ترامب لدى شرائح من السود واللاتينيين، وهي غالبا شرائح المتعلمين من الطبقة الوسطى، التي تسير وفق ما تقوله الأرقام عن نسب العمل والبطالة، بعيدا عن التضليل الإعلامي، وبعيدا عن تصنيف السود كديمقراطيين، مثلما قال بايدن لأحد السود: "إذا لم تصوت لي فأنت لست أسود!".

وفي ظل كل ذلك، ننتظر النتيجة النهائية خلال أقل من أسبوعين، وهي النتيجة التي انتظرتها أميركا والعالم طويلا، لأنها تاريخية ومفصلية في تاريخ أميركا السياسي.