كل ذلك على وقع صوت يصدح: "سيبقى سلاحنا في أيدينا ولن نجوع..." ثم يدعونا للاستدارة شرقا.

الجوع وقع.. ولم يعد لبنان، بوضعه الراهن، يختلف كثيرا عن تلك البلدان التي تريدوننا أن نستدير باتجاهها.

عملتنا الوطنية تنهار كما في فنزويلا، حرياتنا تقمع وتهم العمالة تُفبرك كما في إيران، ونشعر نشعر بحكم الحزب الواحد الشمولي.

كل ذلك يحدث، لأنه ببساطة، ارتأى فريق، حزب الله، أن هذا ما يجب أن يكون.

هل يؤيد جميع اللبنانيين هذه الخيارات؟ هل يجمعون على مقاطعة الغرب؟ هذا الغرب ذاته الذي سارعنا لمطالبته، عبر صندوق النقد الدولي، بانتشالنا من قعر أزمتنا الاقتصادية.

هذا الغرب نفسه، الذي آوى لاجئين تسببت مشاركتهم بحروب خارج الحدود، بتهجيرهم من أرضهم.

هل مبرر أن يدفع كل اللبنانيين ثمن قرارات لم يتم إشراكهم بصنعها؟. أوليس الأولى إنقاذ أنفسنا قبل الهرولة لدعم الآخرين، بكافة الأشكال؟.

هل من العدل أن يتحمل جميع اللبنانيين تبعات اقتناع فريق ما بعقيدة وسعيه لتحقيق مشروع لا يعني معظم الفرقاء الآخرين لا من قريب ولا من بعيد.

من قال إننا نريد أن نكون مثلك، جنود في ولاية الفقيه؟. أسئلة لا تعني حزب الله، لأنه ببساطة نجح بإيجاد غطاء شرعي لسلاح يمكِنه من فرض ما يريد، عبر شريك، كسب هو الآخر غطاء شرعيا لفساد يمكِنه من نهب ما يشاء.

فكان ما كان، من تبخر لجنى عمر الناس وانتهائهم طوابير أمام المخابز والسفارات..

والحصيلة قناعة مرة تترسخ في الأذهان، إذا بقيت الأمور على حالها، وطننا لم يعد قابلا للحياة، من فيه يريد الرحيل عنه، ومن رحل لم يعد يمنن النفس بالرجوع إليه.

وإذا كان التغيير في أيام السلم عادة ما يأتي عبر طريقين، المظاهرات أو الانتخابات، فإن نجاحهم بقطع الطريق على الخيار الأول عبر تشويه الاحتجاجات، لا يبقى أمام اللبنانيين سوى سلوك الطريق الثاني، والذي يقضي، بغض النظر عن أي قانون انتخابي يُعتمد، بالتخلص من متلازمة ستوكهولم وعدم إسقاط أسماء جلادينا، مرة أخرى في صناديق الاقتراع، تحت أي ظرف كان، وإلا تحولنا من ضحايا إلى متواطئين.