منذ ظهور تنظيم داعش، في حيز الوجود، دأب على التمدد وزيادة نفوذه، ورقعة مناطقه أو أحلافه، مستغلا الأوضاع السائدة في أكثر من بلد، من خلافات وانقسامات قومية ودينية، وطائفية وعرقية ومستفيدا من خواء السيطرة الأمنية، لحكومة مركزية، أو ضعفها في أكثر من دولة.

ويبدو أن التنظيم، الذي تعاظمت قوته، في وقت قياسي في المنطقة العربية، بما فيها سوريا والعراق واليمن وشمال أفريقيا، عمل جاهدا، على نسخ هذه التجربة ونقلها إلى مناطق آخرى، لاسيما وسط آسيا، وتحديدا باكستان وأفغانستان وجمهوريات سوفيتيية سابقة.

بل حتى أنه وسع طموحاته وأنشطته، إلى شرقي آسيا، حيث شن هجمات في إندونيسيا، ووقعت هجمات في ماليزيا وبنغلادش، تبنى المسؤولية عنها، أشخاص متعاطفون مع التنظيم. ولعل هجوم العاصمة البنغالية دكا، هو جرس إنذار لدول شرق آسيا، لخطر هذا التنظيم العابر للحدود، الذي يترعرع كالسرطان، في البيئات المريضة أمنيا واقتصاديا وعسكريا، واجتماعيا وسياسيا.

فبعد إفريقيا، حيث بات له موطؤ قدم هام في ليبيا، إلى جانب بعض الجيوب، لا سيما في نيجيريا، يعمل التنظيم على استغلال بيئات تحتضن منذ عقود عشرات التنظيمات المتطرفة، كجماعة أبو سياف في الفلبين وشبكة مجاهدي شرق إندونيسيا.

داعش وآسيا.. تمدد في بؤر الخلاف

ويستغل التنظيم، أيضا، تراجع دور تنظيم القاعدة، لا سيما في أفغانستان وباكستان، حيث أعلن عن إنشاء ولاية خراسان، في ديسمبر الماضي، وبايع قادة منشقون عن حركتي طالبان باكستان وطالبان أفغانستان زعيم داعش، أبو بكر البغدادي.

كما يستغل التنظيم مشاكل الأقليات الإسلامية في القارة برمتها للتحريض على رد الفعل، إما من خلال تنظيمات محلية أو من خلال ما يسمى بالذئاب المنفردة، التي تتحرك بشكل معزول.

ويلعب التنظيم أيضا على التناقضات التي يجدها في عدد من المجتمعات وسط وشرق آسيا كي يجند أتباعا له ويوسع انتشاره الجغرافي.

وهجمات دكا هي الأكثر دموية في آسيا، منذ سلسلة هجمات جاكرتا، في يناير الماضي. إندونيسيا التي تعد أكبر بلد مسلم في العالم لا تزال تواجه ما يعرف بالنكاية والإنهاك، حسب ما تنص عليه أدبيات داعش، وهو توجه يهدف تحديدا لتشتيت جهود مكافحة الإرهاب واستنزاف طاقة أجهزة أمنية واستخباراتية بجعلها تتقصى أثر عدو مجهول يوجه ضرباته بشكل مفاجئ وبخسائر فادحة، ليس أقلها ضرب ثقة دول بأكملها.

مقتل رهائن في هجوم دكا