يمهد التفاهم المبدئي بين إيران والقوى العالمية لاتفاق نهائي بحلول يونيو المقبل يقضي بمنع طهران من صنع قنبلة ذرية أقله لمدة 10 أعوام، في خطوة قد تكبح جماح الإيرانيين في سباق التسلح النووي.
ورغم أن طهران أعلنت طيلة 12 عاما أنها لا تعتزم رفع قدرتها النووية إلى المرحلة العسكرية، إلا أن الغرب كان يصر على أن إيران تنوي من خلال برنامجها النووي الدخول إلى "عالم الدول النووية".
ويعتقد الغرب أنه نجح، في الاتفاق الأخير، بالقضاء مرحليا على آمال طهران بالحصول على قنبلة ذرية، الأمر الذي يعيد تسليط الضوء على إشكالية امتلاك السلاح النووي وأهداف "السباق إلى النووي".
فمنذ أن أعلنت الولايات المتحدة في عام 1945 امتلاك أول سلاح نووي، عمل "حليفها اللدود" في الحرب العالمية الثانية، الاتحاد السوفياتي، من أجل التوصل إلى سر إنتاج هذا السلاح الذي لايميز بين مدني وعسكري.
وبعد أن نجح السوفيات في صناعة أول قنبلة انشطارية روسية عام 1949 دخل مصطلح "سباق التسلح النووي" فعليا إلى قاموس العلاقات الدولية، ومهد لمصطلحات أخرى كـ"الحرب البادرة" و"توازن الرعب" و"الردع النووي".
فرغم مرور عقود على اكتنشاف السلاح النووي ونجاح عدة دول في امتلاكه، لم يستخدم سوى مرة واحدة فقط، وذلك من قبل الولايات المتحدة التي ألقت في عام 1945 قنبلتنين انشطارتين "نوويتين" على هيروشيما وناغازاكي.
ونجحت واشنطن، بعد هذا الهجوم في إخضاع اليابان وإجبارها على الاستسلام في الحرب العالمية الثانية، بيد أن عدد القتلى الهائل والدمار الشامل الذي لحق بالمدينتين اليابانيتين وضع علامات استفهام على السلاح النووي.
إلا أن هذه الإشكالية الإنسانية، لم تمنع عدة دول في التسابق من أجل امتلاك "السلاح النووي"، فكانت بريطانيا ثالت دولة تدخل "النادي النووي" حين أعلنت في 1952 عن امتلاك القنبلة الانشطارية، قبل أن تلحقها فرنسا بعد 8 أعوام.
ويؤكد استمرار التسابق إلى امتلاك السلاح النووي رغم صعوبة استخدامه لعدة اعتبارت استراتيحية، على أن مهمة النووي "تفاوضية" و"استعراضية" أكثر منها عسكرية، وهذا ما اثبتته "أزمة صواريخ كوبا" بين واشنطن وموسكو.
فرغم ارتفاع منسوب التوتر عام 1962 واعتقاد البعض أن الأميركيين والسوفييت اقتربا من "مواجهة نووية"، إلا أن الواقع يخالف ذلك، فامتلاك الطرفان لهذا السلاح حتم على الرئيس الأميركي ونظيره السوفياتي احتواء الأزمة.
وكشفت هذه الأزمة أن السلاح النووي ليس فعالا على الصعيد العسكري حين يكون النزاع بين طرفين يملكان ترسانة نووية، بل أن مهمته تقتصر على فرض "توازن رعب نووي" يمنع حتما عملية التصادم الفعلي.
وعدم لجوء واشنطن وموسكو إلى استخدام السلاح النووي في "أزمة كوبا"، لم يمنع الصين الشيوعية، التي ميزت نفسها عن الأيدولوجية الشيوعية للاتحاد السوفيتي، من الإعلان في عام 1964 عن تصنيع أول قنبلة ذرية صينية.
ونظرية "توازن الرعب النووي" دفعت باكستان على العمل طيلة عقود طويلة لامتلاك سلاح نووي لردع غريمتها الهند، لتنجح في عام 1998 في امتلاك ترسانة نووية بعد أكثر من 24 عاما على تصنيع نيو دلهي أول قنبلة نووية.
ولا يقتصر "الردع النووي" على الدول التي تمتلك السلاح الذري، بل يشمل بلدان "غير نووية" تعقد تحالفات مع "قوى ذرية" للجم كباح منافسيها، على غرار كوريا الجنوبية المتحالفة مع واشنطن في مواجهة جارتها الشمالية.
وأعلنت كوريا الشمالية في 2006 عن أول أول اختبار نووي ناجح، لتدخل إلى "جنة" الدول التي تمتلك سلاح نووي من خارج "النادي النووي" الذي يضم الدول التي وقعت معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.
ومن بين الدول غير الموقعة على هذه المعاهدة، إسرائيل التي حصلت على أول مفاعل نووي، "ديمونا"، بمساعدة فرنسية في عام 1962، وعمدت في 1981 على قصف مفاعل "تموز" العراقي" النووي".
وإن أصرت تل أبيب، من خلال عمل عسكري خاطف ضد أول مفاعل نووي "عربي"، على الاحتفاظ بـ"حصرية توازن الرعب" في منطقة الشرق الأوسط، فقد اكتفت طيلة أعوام بالحرب الكلامية تجاه "نووي إيران".