كل شيء في طهران يسير على وقع المفاوضات النووية المتوقع أن تنتهي في العشرين من الشهر الجاري، إما بالتوصل إلى اتفاق أو تحديد موعد جديد لجولة أخرى من التفاوض مع دول خمسة زائد واحد.

الجديد في هذه الجولة وما سبقها من لقاءات علنية وغير علنية بين الوفد الإيراني وبين الأوروبيين، أو بين الإيرانيين وبين الأميركيين معطوفاً على الاتصال الهاتفي بين الرئيسين باراك أوباما وحسن روحاني، تدل على أن المرحلة لم تعد مرحلة مواجهة، أقله موقتا، وأن بداية جديدة، وإن صعبة، ترتسم في أفق العلاقات بين واشنطن وطهران وبين دول أوروبية وإيران.

فعناوين الاختلاف الكثيرة، جمدها التعاون غير المباشر في العراق، هذا مع الأميركيين، وتجمده مع الأوروبيين مصالح كثيرة وأسواق ضخمة تسيل لعاب القارة العجوز التي، ما عدا ألمانيا، تعاني أزمات اقتصادية تجعل من الحاجة إلى أسواق مثل إيران حاجة حيوية.

أجواء الداخل

أما في طهران، فتخطو الحكومة الجديدة خطوات حذرة في اتجاه المرحلة الجديدة.

وبدأت الحكومة خطوات على طريق الانفتاح وتخفيف القيود، مع إطلاق سراح 11 سجينا سياسيا، وسحب أو غياب أو تغييب "شرطة الحجاب" من الشارع، وما رافق ذلك من انعكاسات على الحياة اليومية.

في شوارع طهران وأسواقها وبازارها القديم مثلا، حيث ينتظر التجار نتيجة المفاوضات، يقول بعضهم إن القيود التي بدأت تتراجع تدريجيا تدل على تغيير محتمل، ويشير إلى جاره الذي يشرب الشاي وآخر يدخن سيجارة في السوق في شهر رمضان.

أما أصحاب رؤوس الأموال والمشاريع شبه الخاصة، كصاحب جريدة آسيا، إيرج جمشدي، فيقول إن حجم الآمال المعلقة على رئاسة روحاني لا تقتصر فقط بالنسبة إليه على كونها فرصة لأصحاب المبادرات والتجار والصناعيين، فهي فرصة للإيرانيين لا يمكن أن تكتمل من دون عمل المزيد في مجال الحريات والحقوق.

وهو ما يحاول الرئيس الحالي فعله بالتعاون مع شخصيات كالرئيس السابق محمد خاتمي، يضيف جمشدي.

ويعتبر أن تحسين العلاقات مع دول الجوار، ما عدا السعودية حتى الآن، وعقد لقاءات بعيدة عن الإعلام مع ممثلي شركات أجنبية غالبيتها أوروبية وفرنسية بشكل خاص، ما هو إلا إعلان إيراني على بدء مرحلة جديدة.

لقاءات

في لندن، بعيدا عن الإعلام، يلتقي الأسبوع القادم ممثلون عن شركات أوروبية وآخرون قادمون من إيران لبحث إمكانية الاستثمار في بلاد يتخطى سكانها الثمانين مليونا.

ويأتي هذا اللقاء بعد تنفيذ رفع الحظر والعقوبات، وتمكن المصارف من التعامل مع طهران من دون معاقبتها كما حصل أخيرا مع بنك "بي أن بي" الفرنسي الذي أضطر الى دفع غرامة 800 مليون دولار بسبب التعامل مع إيران.

هذه المؤشرات لا تعني أن طهران لا تتأثر بالعقوبات لا سيما في مجال الأدوية، والتعامل مع البنوك وصناعة السيارات.