عندما يجتمع قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، الخميس، لبحث اتخاذ رد مناسب حيال قرار روسيا بضم شبه جزيرة القرم، لن تكون الخيارات المتاحة أمامهم كثيرة، سواء من ناحية اتخاذ عقوبات اقتصادية، أو حتى توسيع نطاق العقوبات التي تستهدف مجموعة من الشخصيات الروسية والأوكرانية.

في البداية تبرز صعوبة فرض عقوبات اقتصادية على روسيا التي تعد من أكبر موردي النفط والغاز إلى دول الاتحاد الأوروبي، ما حدا ببريطانيا إلى طرح خطة لتقليل اعتماد دول القارة على النفط والغاز الروسيين خلال السنوات المقبلة.

وبالإضافة إلى ذلك فإن حجم التجارة البينية بين دول الاتحاد الأوروبي وروسيا بتجاوز 335 مليار يورو، كما أن الاتحاد هو أكبر شريك اقتصادي لروسيا، ويحتكر 41 في المائة من تجارتها الخارجية.

وبالنظر إلى ما سبق يمكن فهم لماذا لا تبدو العقوبات الاقتصادية خيارا محببا لدى المسؤولين الأوروبيين، بل إنه قد يكون مثار خلافات بين قادة القارة خلال اجتماع بروكسل.

فبرلين مثلا، التي يبلغ حجم التبادل التجاري بينها وبين موسكو 76 مليار يورو سنويا، لا ترغب في المزيد من العقوبات الاقتصادية، رغم تصريحات المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بضرورة أن تكون هناك عواقب لقرار موسكو بضم شبه جزيرة القرم.

وتفيد تقارير صحفية بأن هناك انقساما داخل دول الاتحاد الأوربي بشأن نطاق العقوبات الاقتصادية، فبينما ترى بريطانيا، ومعها السويد ودول البلطيق وأوروبا الشرقية ضرورة تشديد العقوبات وتوسيعها اقتصاديا، تبدو ألمانيا ممانعة حيال ذلك للحفاظ على علاقاتها الاقتصادية الوثيقة مع روسيا.

وليست ألمانيا وحدها، إذ أن لندن أيضا مازالت ترغب في الحفاظ على الشركات الروسية العاملة في حي المال والأعمال بالعاصمة البريطانية، كما تتردد فرنسا في إلغاء صفقة بيع بارجتين حربيتين إلى روسيا، فيما تتخوف اليونان وفنلندا وبلغاريا من تأثر واردات الغاز الروسي جراء هذه العقوبات.

ويقول دبلوماسيون أوروبيون إن أول قرار قد يتخذه القادة هو إلغاء قمة روسيا-أوروبا التي كانت مقررة في سوتشي الروسية في يونيو المقبل، بخلاف توسيع قائمة الشخصيات الروسية والأوكرانية التي سيشملها حظر السفر وتجميد الأرصدة.

وقد تشمل هذه القائمة أيضا عددا من الشخصيات السياسية والعسكرية الروسية المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتن.

لكن روسيا تبدو غير عابئة حيال كل هذه العقوبات، ومؤشر ذلك إعلان وزير خارجيتها سيرغي لافروف أن الخطوات القانونية لضم شبه جزيرة القرم قد تكتمل نهاية الأسبوع الحالي، فيما تواصل موسكو منح جوازات السفر لمواطني شبه جزيرة القرم تمهيدا لضمهم بشكل كامل إلى الاتحاد الروسي.